التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤١
-الدخان

تيسير التفسير

{ يَوم لا يُغْني } بدل من يوم الفصل، أو عطف نكرة على معرفة عطف بيان، بناء على جواز التخالف، ومن الغفلة العامة للمفسرين إجازة تقدير، أعنى يوم لا يغنى بلا دليل ولا حاجة اليه وإجازة تعليقه بالفصل، ولو كان مصدرا ضعيفا فى العمل مفصولا بأجنبى، وتكلف الجواب بالتوسع فى الظروف، والمعنى يوم لا يجزى { مَولى } صاحب من شأنه أن يتولى معونة صاحبه على أموره، فشمل ابن العم والحليف والعتيق والمعتق ونحوهم، وكل من يتصرف فى آخر لقرابة أو صداقة، لأن الولاية بمعنى التصرف، من جملة أن أحد يلى آخر، وذلك من استعمال العام فى أفراده، لا المشترك فى معانيه المختلف فى جوازه، وأجازه بعض فى النفى فقط نحو: لا عين عنده، أى لا باصرة ولا ذهب ولا نهر.
{ عَن مولى } آخر بذلك المعنى { شيئاً } مفعول مطلق ليغنى، ومعناه أغنياء، ويجوز أن يكون مفعولا به على أن معنى يغنى يدفع، وبالأولى ان لا يغنى غير المولى { ولا هُم يُنْصرون } لا ينصر أحد الكفار المولى ولا غير المولى، وهذا أعم فائدة من رجوع الضمير للمولى الأول، وفيه السلامة من استعمال النكرة فى سياق النفى بمعنى الكل المجموع، مع أن الأصل استعمالها بمراعاة الأفراد، تقول: ما من رجل يقوم ولا رجل يقوم، ولا تقول يقومون على الراجح، لكنه يجوز مراعاة للكل المجموع، ومنه:
" { فما منكم من أحد عنه حاجزين } " [الحاقة: 47] ويجوز محل الآية عليه، فيعود الضمير الى مولى الأول دون الثانى لأنه يفرض أقوى من الثانى، والثانى يحتاج الى الأول، فاذا لم ينصره الأول فكيف ينصر هو الأول وهو ضعيف، ونفى نصره الأول معلوم من نفى نصر الأول له، وأيضا العمدة فى الكلام هو الأول، إذ هو الفاعل، فعود الضمير اليه أولى، ويجوز عوده للثانى، ولا هم منصورون بالأول، والمعنى على كل حال لا يمنعون من العذاب.