التفاسير

< >
عرض

رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦
-الدخان

تيسير التفسير

{ رحْمةً مِن ربك } مقتضى الظاهر رحمه منَّا، لكن جىء بلفظ رب تشريفا له صلى الله عليه وسلم باضافته اليه، مع أنه رب كل أحد، ولأن المربوبية تقتضى الرحمة على المربوبية، والجملة تعليل ليفرق، أو لأمر أو بمعنى ضدم النهى، ورحمة مفعول به لمرسلين، ونكر تفخيما، وهى مطلقة عامة، وقيل: المراد بها النبى صلى الله عليه وسلم، ويأباه كون الجملة تعليلا، ويجوز كون الجملة بدلا من " { إنا كنا منذرين } "[الدخان: 3] فتكون تعليلاً لإِنزال الكتاب إذا جعلنا " { إنَّا كنا منذرين } "[الدخان: 3] تعليلاً له فينصب رحمة على التعليل، فالمعنى أنزلنا القرآن لأن عادتنا ارسال الرسل والكتب الى العباد، لأجل الرحمة عليهم، والنصب على المفعولية أولى، وذلك فى المعنى كقوله تعالى: " { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها } " [فاطر: 2] الخ.
والحاصل: أن من عادتنا أن نرسل الرحمة، ومنها فصل كل أمر حكيم، من قسمة الأرزاق، والمقصود بالذات فى ذلك الفصل الرحمة، وقيل إنا أنزلناه فى ليلة مباركة رحمة من ربك { إنه هُو السَّميع العليمُ } لا يخفى أن التأسيس أولى من التأكيد، فالسميع بمعنى العلم بالمسموعات والعليم تعميم بعد تخصيص، وكذا اذا قال: "إنه سميع بصير" تقول: بصير بمعنى علام بما ترى العيون، ولا يفسران بمعنى العلم المطلق، وذلك متضمن لوعيد الكفار، ووعد المؤمنين.