التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
١٨
-الجاثية

تيسير التفسير

{ ثُمَّ جَعَلناك عَلى شريعةٍ } عظيمة { مِن الأمْر } ثم للترتيب والتراخى الزمانى، ويجوز أن يراد الرتبى، والشريعة الطريق الواضح الواسع الذى ينتفع سالكه، ويصل به الى المقصود من عين الماء أو البلد أو السوق أو غير ذلك، وقيل: الذى يوصل به الى عين الماء، وعلى كل حال استعير للقرآن، وما معه من سائر الوحى، لأنه ينتفع بهما متبعهما، ويصل بهما الى الجنة ورضا الله، وينجو من الهلاك فمن عمل بهما كمن روى وتطهر، أعنى آمن وترك الذنوب، قال تعالى: " { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً } " [الأحزاب: 33] وليس المراد المبالغة فى الايمان حتى يعرض عن كل شىء غير الله، فان هذا شاذ غير مشروط، ومنه ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى، فلما عرفت الله رويت بلا شرب، بمعنى أنه كان يعالج نفسه وهواه، ولا يصل المقصود، ولما اسلم ورسخ اسلامه أعرض عما سواه تعالى، أو كان ذلك فى اسلامه وهو مؤمن لا مشرك، ولما ازداد إيمانه بالمعالجة والاخلاص التام أعرض عما سوى الله تعالى ومن للبيان، أى وهى أمر الدين، ويضعف تفسيره بالأمر ضد النهى، فيقدر على شريعة من الأمر والنهى { فاتَّبعها ولا تتَّبع أهْواءَ الَّذين لا يعْلمُون } كمشركى قريش، وجهال قريظة والنضير، وعلمائهم الضالين المبتثين اضلاله وكل ضال.