التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِٱلأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ إِنَّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
٢١
-الأحقاف

تيسير التفسير

{ واذكُر } يا محمد لقومك { أخا عادٍ } هودا عليه السلام، قال بعض العلما: كلما ورد فى القرآن خبر عاد فالمراد بعاد فيه عاد الأولى إلا ما فى سورة الأحقاف { إذ أنْذر قومه } بدل اشتمال { بالأحقاف } جمع حقف وهو الرمل المستطيل فى اعوجاج، واحقوقف الشىء اعوج، وقيل: الحقف ما استدار من الرمل، فلعله من الأضداد، كانوا بدويين فى الأخبية والأعمدة، بين رمال مشرفين على البحر فى الشحر، بالحاء المهملة، وهو أرض اليمن، وقيل: بين عمان ومهرة وهو الصحيح، عن ابن عباس، لا ما قيل عنه: جبل بالشام، وقيل: بين عمان الى حضرموت، والصحيح الأول، وعبارة بعض أنهم أحياء باليمن مشرفين على البحر فى أرض يقال لها أشحر، وقيل: كانت منازل عاد فى حضرموت، بموقع يقال له مهرة، سيارة فى الربيع، واذا هاج العود أى يبس رجعوا الى منازلهم، وهن من إرم.
{ وقد خَلَت النُّذر } جمع نذير وهم الرسل، أو الرسل وأتباعهم فى الأمر والنهى { مِن بَين يديه } من بين يدى هود، أى من قبله { ومِن خَلفه } بعده كما قرىء: ومن بعده، فهذه الآية بهذه القراءة دليل على أن من بين يديه فى سائر القرآن بمعنى من قبله، ومن خلفه بمعنى من بعده، ولا يعكس، وعن ابن عباس: من بين يديه قبله، ومن خلفه فى زمانه، فيقدر مضاف، أى من خلف انذاره، ويبحث بأنه كيف يقال: خلت، وهم فى زمانه؟
الجواب: ان الخلو باعتبار من تأخر عن زمانه كزمان بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أو باعتبار قضاء الله أو اللوح المحفوظ، أويقدر وتأتى من خلفه، أى من بعده، كقوله:

علفتها تبنا وماء باردا

أى وسقيتها ماء، فانه لما لم يناسب خلت بمعنى مضت، قوله: "من خلفه" أى من بعده، قدرنا يأتى أى ويأتى من خلفه، أى بعده، وقيل: مشاكلة، وقيل استعارة بالكناية بأن شبه الآتى بالحاضر التابع من خلفه، ورمز اليه بخلف، وقيل: ادخال للمستقبل فى معنى الخلو لتحقق الوقوع، ففيه الجمع بين الحقيقة والمجاز اذا استعمل الخلو فى معنى المضى والاستقبال، أو عموم المجاز، والجملة حال من المستتر فى أنذر، أو من قوم، أو عطف على أنذر، ويجوز أن يكون المعنى أنذرهم على فترة من الرسل قبله وبعده.
{ ألا تعْبُدوا إلاَّ الله } ان تفسيرية لتقدم معنى القول، وهو الانذار، وبالاحقاف متعلق بأنذر أو بحال محذوف اى عالما، أو عالمين بالأحقاف، وانما علموا باعلام هود لهم، وعلل النهى بقوله: { إنِّي أخافُ عليْكُم } بسبب شرككم { عَذاب يومٍ عظيمٍ } عظمه لعظم الهول فيه، فالأصل اسناد العظم الى الهول، وأسنده الى اليوم لأنه يقع فيه على التجوز العقلى.