التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ
٦
-الأحقاف

تيسير التفسير

{ وإذا حُشِر النَّاس } بعثوا للجزاء { كانُوا } أى المعبودين { لَهُم } للعبادين { أعداءً } شدادا، وقد عبدوهم فى الدنيا ليكونوا لهم أولياء يشفعون لهم فى الدنيا، وعلى فرضهم البعث، وتقديره يشفعون لهم فى الآخرة أيضا فى زعمهم، ومعنى العداوة المضرة على المجاز الارسالى لعلاقة اللزوم { وكانُوا بعبَادتهم كافرين } مثل قوله تعالى: " { إنْ تدعوهم لا يسمعون دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم } " [فاطر: 14] ومعنى كافرين مكذبين لهم كذا قيل، وفيه أن الأصنام لا تكذبهم، بل تقول: إن أنطفها الله لم نعلم بعبادتكم لنا، وكذا من لم يعلم بها من العلاء المعبودين، ينفون عن أنفسهم العلم بها، ولا ينفون وقوعها، ومن علم بها لا ينفى وقوعها، ولا العلم بها فبان أن الكفر بها كفر بلياقتها، وبأنها صواب، إلا أن يقال: المراد بالكفر بها وتكذيبها التبرؤ منا وعدم الرضا بها حين أوقعوها.
وبعده إما لعدم العلم بها حين تقع، واما لانكارها حين تقع، ولكن بقى أن فيهم من رضى حين الوقوع كالجن الكافرين، وكالانسان الكافر المعبود العالم أنهم يعبدونه فيكذبون بوقوعها تستراً على أنفسهم، فيجمع بين الحقيقة والمجاز، أو يحمل على عموم المجاز، أو على استعمال المشترك فى معان له، وللوقوع فى هذه الأشياء ساغ أن يتخلص منها بما هو خلاف الظاهر، وهو أن نرد الواو فى كانوا للعبادين، والهاء فى عبادتهم لهم اضافة للمصدر لفاعله، أو عبدناهم، مع أنهم عبدوهم، وهذا تبرؤ من عبادتهم لهم، فذلك كقوله تعالى:
" { والله ربنا ما كنا مشركين } " [الأنعام: 23] فكذا نقول: المعنى إذا حشر الناس كان الكفار أعداء لما عبدوه من دون الله لما رأوا من ترتب العذاب على عبادته، ووجه كون ذلك خلاف الظاهر، أن اللام سيق لبيان حال المعبودين، مع العابدين لا العكس، أو ما تسميه انكار عبادتهم هؤلاء المعبودين كفروا، فلا نسلم أنها خلاف الظاهر لأن هذا الانكار تبرؤ منها، والتبرؤ من الشىء كفر به، ولأن الكذب كفر بالجارحة لأنه كبيرة فيعذبون عليه أيضا، وقيل لا يعذبون، وأنه تكليف بعد الموت قبل خروج روحه، وقيل المعنى كان الكفار.