التفاسير

< >
عرض

فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ
٢٢
-محمد

تيسير التفسير

{ فَهَل عَسَيْتم } خطاب للذين فى قلوبهم مرض على طريق الالتفات من الغيبة الى الخطاب زيادة فى توبيخهم. والاستفهام والترجى مصروفان الى غير الله، أى هل يتقرب بكم وينتظر، وقيل: يفعل بكم فعل المترجى المبتلى، وقيل: المعنى من ينظر اليهم يتوقع بهم ذلك، وهذا كما قيل: انكم أحقاء بأن يقول لكم من عرف أحوالكم { فهل عسيتم } الخ، وعسى انشاء، والاستفهام انشاء، ولا يتسلط انشاء على انشاء، فلا بد من تأويل عسى بالاخبار مثل: هل يتقرب بكم، أو هل تنظرون { إنْ تولَّيتُم } أمور الناس بأن صرتم ولاة عليهم، أو يقدر توليتم على الناس { أنْ تُفسدوا في الأرض وتُقطِّعُوا أرحامَكم } هذا خبر عسى، وهى وما دخلت عليه مستغنى بهما عن جواب ان، والمستفهم والمتوقع غير الله من الخلق ممن يقف على أحوالهم الدالة على الحرص على حب الدنيا، إذ كرهوا الجهاد والحق وأمر الشرع، فان ذلك يتوقع منه الافساد فى الأرض بالظلم والكبر، وقطع رحم من خالفكم على ذلك من المسلمين.
وفسَّر بعضهم التولى بالاعراض عن الاسلام الى أمر الجاهلية من الافساد فى الأرض بالنهب للأموال، وقطع الأرحام، ووأد البنات، ورد بأن الواقع شرطا فى مثل هذا المقام لا يكون مما يحذر لذاته، بل لما يتبعه من المفاسد، مثل لعلك ان أعطيت مالا واسعا تطغى به، والاعراض عن الاسلام يحذر بالذات، ويؤيد ما مر قراءة: "وليتم" بالبناء للمفعول أى جعلتم ولاة، وقراءة "توليتم" بالبناء للمفعول أى تولاكم الناس، وأجمعوا على موالاتكم، وقيل فى تفسير هذه القراءة الآخر تولاكم ولاة غشمة، تتبعونهم فيما يفعلون من السوء: ويضعف تفسير بعضهم التولى فى قراءة الجمهور بالاعراض عن امتثال الشرع فى القتال، والافساد بعدم اعانة أهل الاسلام، وبتقطيع أرحام المسلمين على اسلامهم، لأن الظاهر من الافساد انشاؤه، ولا مجرد عدم اعانة المسلمين، ولا مجرد حصول التقطيع بترك الاعانة، ولأن الافساد بذلك المعنى محقق، فلو أريد لجىء باذا لا بأن.