التفاسير

< >
عرض

وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ
٦
-محمد

تيسير التفسير

{ ويُدخلهُم الجنَّة } تصريح بغاية الثواب { عرَّفها لَهُم } حال من الجنة أو من هاء يدخلهم، والمعنى بينها لهم، وجعلهم عارفين بها، والمراد تعريف مساكنهم فيها، ومالهم بلا دلالة أحد، ولا ملك لهم عليها، ولا كتابة عليها باسمه، كأنهم سكنوها منذ خلقوا، كما روى الطبرى، عن مجاهد، وعنه صلى الله عليه وسلم: "لأحدكم بمنزله في الجنة وأهله وأزواجه وخدمه أعرف بمنزله في الدنيا" بالهام منه عز وجل أو بارتباط حساناته به كالدليل، وأما قول مقاتل: "بلغنا أن الملك الموكل بعمل الشخص فى الدنيا، يمشى بين يديه فى الجنة، ويتبعه الشخص حتى يأتى أقصى منزل له فيعرفه كل شىء أعطاه الله تعالى فى الجنة، فاذا انتهى الى أقصى منزلة فى الجنة، دخل الى منزله وأزواجه، وانصرف الملك".
فالمراد به والله أعلم صورة التعريف لا حقيقته، فقد عرف ذلك بلا تعريف ملك، وإنما ذلك تشييع من الملك وتكريم له، وقد دلته عليه حسناته كما ورد فى الأثر، وذلك داخل فى الحديث السابق، وكذا نقول التكريم والتحقيق فيما روى أن الله تعالى رسم على كل منزل لراسم صاحبه، أى وعلى كل ملك من أملاكه، وقيل: تعريف منازلها تحديد بحيث لا تهمل ولا تختلط بغيرها، ولا تلتبس، وقيل: عرفها رفعها كما يقال للجبال: أعراف، ولكل مرتفع، وعن ابن عباس: عرفها طيبها، والعرف الريح الطيب، وقيل: المراد تعريفها فى الدنيا بذكر أوصافها، وصفها لهم فاجتهدوا لينالوها:

ياقوى أذنى لبعوض الحى عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قالوا بمن لا ترى تهوى فقلت لهم الأذن كالعين تؤتى القلب ما كانا

ولا عشق إلا بالقلب، ولكن الأذن والعين وسائط.