التفاسير

< >
عرض

سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٥
-الفتح

تيسير التفسير

{ سيقُولُ المُخَلَّفونَ } المذكورون { إذا انْطلقْتم إلى مغانمَ لتأخُذوها } مغانم خيبر عند الجمهور، لأنها أول المغانم بعد الرجوع من الحديبية، وجاء فىالاخبار الصحيحة: "أن الله تعالى وعد أهل الحديبية أن يعوضهم من مغانم مكة خيبر ومغنمها اذا قفلوا من الحديبية موادعين لا يصيبون شيئا" وأما السين فلا تدل على أن المراد مغانم خيبر، كما قيل انها للقرب، فدلت على مغانهما للقرب، ولا نسلم أن السين تدل على القرب، واذا متعلق يقول خارج عن الشرط، ومفعول يقول هو قوله: { ذرُونا نتَّبعكُم } الى خيبر، ونشهد معكم قتال أهلها، يريدون الأخذ من مغانهما، لم يخافوا من قتالهم لأنه دون أهل مكة فتحققوا النصر.
{ يُريدون أنْ يُبدِّلُوا كَلام الله } قضاءه بأن لا يشارك فى غنائمها أحد أهل الحديبية، أى يريدون أمرا هو فى نفس الأمر مخالف لقضائه تعالى، وذلك قبل أن يخبرهم صلى الله عليه وسلم، بأن الله خصها لأهل الحديبية، وأما بعد أن أخبرهم فقد لا يصدقونه أنه قال عن الله، وقد يصدقونه، ويطمعون فى التبديل لجهلهم، وقد قضى الله أن لا يؤمنوا، فلا يشاركونهم، ويحتمل أنهم لا شىء لهم فيها، ولو آمنوا واتبعوهم، أو المراد بتخصيص أهل الحديبية بها أن لا يشاركهم هؤلاء المخلفون، وأما غيرهم فيجوز.
وقد قدم جعفر وجماعة من الحبشة، حال حصار خيبر، أو حال فتحها فأعطاهم من غنائمها، وأعطى بعض الدوسيين، وبعض الاشعريين فقيل: برضا أهل الحديبية وقيل: مما صالح عليه بعض أهل خيبر، ولم يصالح شيئا منها، وقيل: أعطاهم من الخمس الذى هو حقه صلى الله عليه وسلم، وقد غزت مزينة وجهينة من هؤلاء المخلفين بعد هذه المدة معه صلى الله عليه وسلم، وفضلهم صلى الله عليه وسلم على تميم وغطفان وغيرهم من العرب، وذلك بعد أن أخلصوا وخرجوا عن النفاق، وقيل: تبديل كلام الله عز وجل تبديل أمره تعالى أن لا يسير منهم أحد الى خيبر، وبه قال مقاتل، وقال ابن زيد: كلام الله هو قوله تعالى:
" { لن تخرجوا معي أبداً } " [التوبة: 83].
{ قُل لن تتبَعُونا } اخبار أى قضى الله أن لا تتبعونا الى خيبر، وقيل بمعنى النهى، جاء بصورة الاخبار مبالغة، وقيل لا تتبعونا ما دمتم على النفاق، وقيل لا تتبعونا الا ان كنتم لا تأخذون من الغنيمة شيئا، بل تتبعونا محتاطين { كَذلِكُم } أى مثل ما ذكر من انتفاء الاتباع، أو النهى عنه { قال الله مِن قَبْل } قبل طلبكم الاتباع، وتهيئكم قاله حين قفلتم من الحديبية { فسيقُولُون } اذا سمعوا هذا النفى أو النهى { بل تحْسُدوننا } أن نأخذ معكم من الغنائم ما نهانا الله عن الاتباع، ولا نفاه عنا { بَل } اضراب ابطالى أبطل به الحسد عمن نسبوه اليه { كانُوا لا يفقهُون إلا قليلاً } الا فقها قليلا، وهو علمهم بأمور الدنيا، وذلك رد عليهم بجهلهم المركب المفرد، إذ أثبتوا الحسد للمؤمنين البريئين منه لسوء فهمهم، الذى هو أقبح من الحسد، بل هم الحاسدون للمؤمنين فيما اختصهم الله عز وجل به.