التفاسير

< >
عرض

يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ
١٧
إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
-الحجرات

تيسير التفسير

{ يمُنُّون } يتلفظون أو يفعلون أفعالا يظهر منها أنهم أصحاب فضل، أو يعتدون عليك به من الاعتداد، أو يعدون اسلامهم منة عليك، أى انعاماً، وهو من المن بمعنى القطع كقوله تعالى: " { أجر غير ممنون } "[فصلت: 8، الإنشقاق: 25، التين: 6] أىغير مقطوع فى أحد الأوجه وهو النعمة التى لا يرجى عليها مكافأة، لأن يعطيها أقطع بها حاجة معطاها، فلا يكلفه ثوابا يحتاج الى تحصيله، ولأنه قطع عن نفسه وجاء ثوابها، وهم يدعون ذلك مع أنهم طامعون فى المكافأة بالغنائم وغيرها، أو هو النعمة الثقيلة من المن الذى يوزن منه، ولكن ثقلها هضم شأنها، وهو عقلى، وثقل ذلك الميزان حسى، وكذا ان قلنا ثقلها مشقتها فى التحمل بها.
{ قل لا تَمنُّوا عليَّ إسلامكم } مثل ما مرَّ معنى واعرابا ولا يقال فى القرآن بالنصب على نزع الجار ما وجد غيره، بلا تكلف، وأجيز أن يكون مفعولا من أجله، أى يتفضلون عليك لاسلامهم { بل الله يمُنُّ عَليْكم أنْ هداكم للإيمان } مثل ما مر أى هداكم هداية بيان وارشاد، فانها نعمة عظيمة ضيعوها، ولم يعلموا بها { إنْ كُنتم صادقِين } تريدون الصدق، والجواب محذوف أى فاعملوا بالهداية والارشاد، ولا تخالفوها، ويجوز أن يراد بالهداية هداية التوفيق، فيكون ما قبل ان مغنيا عن جوابها، أى ان كنتم صادقين فى دعوى الاخلاص، فذلك بهداية الله عز وجل، أى توفيقه، بالمنة له عليكم لكنكم غير صادقين، وأكد تكذيبهم بقوله عز وجل:
{ إنَّ الله يعْلَم غَيْب السَّمَاوات والأرض } أى غائبهما، أو ذا غيبهما، وهو ما غاب فيهما عنكم، وذكر نتيجة عموم علمه بقوله عز وجل: { والله بَصيرٌ بما تعْمَلونَ } بقلوبكم وجوارحكم.