التفاسير

< >
عرض

يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٣٥
-المائدة

تيسير التفسير

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ } احذروا عقابه بترك موجبه وهو الكبائر. { وَابْتَغُوا إِليْهِ } اطلبوا، ضمن ابتغوا معنى توجهوا فعدى بإِلى أَو معناه باق فيتعلق بقوله { الوَسِيلةَ } لأَنه اسم مفعول فليس مصدرا فلم يمنع تقدم معموله عليه لكن تكون أل موصولة فتمنع التقدم فالأَولى أَنه حال أَو يبقى مصدراً فيعلق به ما قدم عليه لأَنه ليس منحلا إِلى الفعل وحرف المصدر، أَو يعلق بما بعد الموصول لأَنه غير مفعول صريح والحروف يتوسع فيها، والمعنى الخصلة الموصول بها إِليه، أَى المتوصل به إِليه أَو الأَمر الموسول به إِليه، وعلى هذا فالتاء للنقل، وهى طاعته ولا تفسير فى الآية بالدرجة المخصوصة التى قال فيها صلى الله عليه وسلم "إِنها لواحد من عباد الله فى الجنة اسألوا أَن تكون لى" لأَنه صلى الله عليه وسلم أَمرنا أَن ندعو بها له لا لنا، ودعوى أَن المعنى ابتغوا إِليه الوسيلة لرسولكم تكلف لا يناسبه ما قبل وما بعد، وعن ابن عباس: الوسيلة الحاجة أَى اطلبوا حوائجكم متوجهين إِليه، وقيل هى الاتقاء المذكور لأَن التقوى ملاك الأَمر كله والذريعة إِلى كل خير والمنجاة من كل شر، ولا يقسم على الله بأَهل الصلاح ولا بأَهل القبور ولا يتوسل بهم إِلا النبى صلى الله عليه وسلم لأَنه أَفضل الخلق فيجوز أَن يتوسل به إِلى الله كما قال لضرير شكا إِليه: "توضأ وتوجه إِلى الله تعالى بى فى رد بصرك" ، ومنع بعض هذا أَيضاً وأَجاز لعضهم ذلك بأَولياءِ الله قياساً عليه صلى الله عليه وسلم، وفى البخارى عن أَنس عن عمر: كنا نستسقى بنبيك فتسقينا وإِنا نتوسل إِليك بعمه فاسقنا، قال فيسقون، وتأَويل هذا بأَنهم يطلبون الدعاءَ من العباس غير ظاهر، نعم يجوز الجمع بين التوسل به ودعائه، وطلب الدعاء من الحى جائز ولو مفضولا كما قال صلى الله عليه وسلم لعمر رضى الله عنه "لا تنسنا من دعائك" ، وذلك فى عمرة استأَذنه فيها. وطلب من أَوس أَن يستغفر له وأَمرنا أَن نطلب له الوسيلة، ولم يصح ما روى مرفوعاً إِذا " أَعيتكم الأُمور فاستغيثوا بأَهل القبور" وفى ابن ماجه عن أَبى سعيد مرفوعاً أَنه يقول الخارج إِلى الصلاة: اللهم إِنى أَسأَلك بحق السائلين عليك وبحق ممشاى هذا فإِنى لم أَخرج أَشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة ولكن خرجت اتقاءَ سخطك وابتغاءَ مرضاتك أَن تنقذنى من النار، وأَن تدخلنى الجنة، وفى سنده رجل ضعيف، مع أَن فيه عليك، ولا واجب على الله تعالى فيؤول، وكان ابن عمر إِذا دخل مسجد المدينة قال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أَبا بكر السلام عليك يا أَبت ولا يحل أَن يقال لميت أَغثنى أَو افعل لى كذا، ويجوز ادع الله لى { وَجَاهِدُوا فِى سَبِيلِهِ } نفوسكم عن المعاصى والشهوات وأَهل الشرك لإِعلاء دين الله عز وجل { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } تفوزون بالثواب والفضل.