التفاسير

< >
عرض

مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ ٱنْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ
٧٥
-المائدة

تيسير التفسير

{ مَا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ } إِنما هو رسول من الله لا أُلوهية له، وكيف يكون إِلها من يتصف بالبنوة { قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ } جاءُوا بما لم يجئ به غيرهم ومع مجيئهم بما لم يجئ به غيرهم لم تدعهم أَممهم آلهة فلا كفر ككفر النصارى، بل قد كان فيهم مثل ما لعيسى من إِحياء الموتى على أَيديهم وإِحياء الجماد ومن خلق من غير أَب ولا أُم وقد أَخرج الله عز وجل للنبى العربى صالح عليه السلام ناقة من صخرة وأَحيا الله عصا موسى عليه السلام وخلق آدم بلا أَب ولا أُم وخلق حواءَ بلا أَب ولا أُم سوى أَنها جزء من آدم وكل ذلك أَعجب { وَأُمُّهُ صِديقَةٌ } لا إِله، كما أَنه رسول لا إِله وهى كسائر النساءٍ الصديقات كما أَن عيسى من الرسل، والصديق بالشد من كان صادقا مع الله ومع الخلق قولا وفعلا واعتقادا مجتهدا في ذلك، وكم امرأَة صديقة لم يدع قومها أَنها إِله ولو كان عيسى وأُمه إِلهين لقالا إِنا إِلهان وصدقها هو صدقها مع الله عز وجل، وفي انتفائها ما رمتها به اليهود، وفي إقرارها بكلمات ربها وكتابه وبالأنبياء وجميع ما يؤمن به { كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعامَ } ومن يأْكل الطعام هو كسائر البشر وسائر الحيوان لا يكون إِلها لحدوثه وتركبه واحتياجه وعجزه وجهله بأَكثر الأَشياء ومن يبول ويتغوط كيف يكون إِلها، ومن يركب الحمار ويعيا كيف يكون إِلها، ومن يكون إِلها لا يصيبه مكروه وقيل المراد بأَكل الطعام الكناية عن قضاءِ حاجة الإِنسان وهذا أَمر ذوقا في سماع النصارى ولم أَر أَبعد فهما وجدالا من النصارى وماسمعنا به { انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآياتِ } على اختصاصنا بالأُلوهية والوحدانية وهو تعجيب من البيان العظيم { ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى } كيف { يُؤْفَكُونَ } يصرفون عن التوحيد مع ذلك البيان العظيم، وهذا تعجيب من إِصرارهم على الشرك مع هذا البيان وعدم تدبرهم، وثم لتراخى الرتبة فان إِعراضهم عن التدبر في البيان الواضح أَبعد فإِن الإِنسان قد يفعل ما يفعل جهلا أَو تشهيا فإِذا وعظ وبين له رجع كل الرجوع أَو بعضه والنصارى لم يرجعوا أَدنى رجوع.