التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىۤ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّاهِدِينَ
٨٣
-المائدة

تيسير التفسير

{ وَإذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ } إِلى قوله الصالحين داخل في التعليل أَى حصل في جملتهم قرب المودة بسبب أَن منهم قسيسين ورهبانا وسبب أَنهم لا يستكبرون وبسبب أَن أَعينهم تفيض من الدمع بمعرفة الحق إِذا سمعوا القرآن، وبسبب قولهم إِنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وبسبب قولهم ما لنا لا نؤمن بالله وما جاءَنا من الحق ونطمع أَن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين، ومن كان من هؤلاء قبل النبى صلى الله عليه وسلم تسبب لقرب المدة لمن قبله ومن معه ومن بعده ومن كان معه تسبب لمن معه ومن بعده وكأَنه قيل حصول أقربيه المودة للمسلمين فيهم تسبب فيها علماؤهم وعبادهم كل وأَهل زمانه إلى أَن جاءَ قسيسون ورهبان على عهد رسول الله الذين نزل فيهم قوله تعالى { { بأَن منهم قسيسين ورهبانا وأَنهم لا يستكبرون } [المائدة: 82]، وإذا سمعوا أَنزل { إِلَى الرَّسُولِ } محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما نزل من القرآن { تَرَى أَعْيُنَهُمَ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْع } لرقة قلوبهم وشدة خشيتهم ومسارعتهم إِلى قبول الحق، والعين لا تفيض بنفسها بل دمعها فالمراد بتفيض تمتلئ لأَن الامتلاءَ سبب الفيض لأَن الفيض انْصباب عن امتلاء وذلك مبالغة حتى كان الامتلاء نفس الفيض، أَو أسند الفيض إِلى الأَعين إِسناداً للمحل كأَنها تفيض بنفسها مبالغة وإِنما يفيض دمعها الذى هى محله، ومن الابتداء أَى من كثرة الدمع، كذا قيل والأولى أَنها بمعنى الباء { مِمَّا عَرَفُوا } من التعليل أَى لما عرفوه وقيل للابتداء على أن الأُولى ليست له لأَن الفيض نشأَ مما عرفوا { مِنَ الحَقِّ } من للبيان أَى مما عرفوه حال كونه هو الحق أَى جنس الحق، أَو للتبعيض أَى فكيف لو عرفوا كل الحق فكأَنهم يبكون دماً أَو تنسجم دموعهم { يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا } بما سمعنا، وهو ما أنزل إلى الرسول أَو بمحمد صلى الله عليه وسلم { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } مع الذين شهدوا من أَمته بأَنه حق من الله، أَو بأَنه صلى الله عليه وسلم رسول إِلى الناس كلهم، أَو من الذين يشهدون على الأُمم يوم القيامة وهم أَمته صلى الله عليه وسلم.