التفاسير

< >
عرض

أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ
٢٤

تيسير التفسير

{ ألقَيا في جهنَّم كُلَ كفَّارٍ } خطاب للسائق والشاهد، أو للملكين من خزنة النار، أو لملك واحد على أن الألف ليست للتثنية، بل بدل من نون التوكيد الخفيفة، أبدلت فى الوصل اجراء له مجرى الوفق، فان ابدالهما ألفا من شأن الوقف، ويدل على هذا الوجه قراءة الحسن ألقين بنون التوكيد الخفيفة، أو الألف ضمير الواحد خطابا له بخطاب الاثنين بدل خطابه بتكرير الفعل، أى ألق ألق كقوله:

فان تزجرانى يا ابن عفان انزجر وإن تدعان أحم عرضا ممنعا

وذلك معمول دفعة، وقيل: حذف ألق الثانى ووصل ضميره بضمير الأول، فكان تثنية وهو مجاز بعيد، والصحيح ما ذكرته أولا، وليله الثانى، وعلى كل حال القول مقدر، ويقال: يعبر بصورة الاثنين عن واحدة كالآية، وكانوا يسافرون ثلاث فيخاطب الواحد الاثنين، فجاءت الآية بصور ذلك، يعبر بصورتهما عن الجمع نحو: " { ثم ارجع البصر كرتين } " [الملك: 4] وبصورة الجمع عن المفرد نحو: " { رب ارجعون } " [المؤمنون: 99] وعن المثنى نحو: " { فقد صغت قلوبكما } "[التحريم: 4] أى قلباكما، ومثل ذلك خطاب الاثنين فى مقام خطاب الواحد، كقوله تعالى وعز وجل: " { وتكون لكما الكبرياء في الأرض } " [يونس: 78] بعد قوله تعالى: " { لتلفتنا } " [يونس: 78] وخطاب الجماعة فى مقام خطاب الواحد، كقوله سبحانه وتعالى: " { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء } " [الطلاق: 1] وخطاب الواحد فى مقام خطاب الاثنين نحو قوله تعالى: " { فمن ربكما يا موسى } " [طه: 49] والأصيل يا موسى وهارون، وينتقل من خطاب الاثنين الى خطاب الجماعة كقوله تعالى: " { أن تَبَوَّءَا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة } " [يونس: 87] ومن خطاب الجماعة الى خطاب الواحد كقوله تعالى: " { وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين } " [يونس: 87] والى خطاب الاثنين كقوله تعالى: " { يا معشر الجن والإنس إنْ استطعتم } " [الرحمن: 33] الى قوله تعالى: " { فبأي آلاء ربكما تكذبان } " [الرحمن: 34].
{ عَنيدٍ } مبالغ فى العناد بالجحود والتمرد، أو هو من قولك عند عن طريق، اى انحراف عنه أو من العند، وهو عظم يعرض فى الحلق، أى ضار مشاق، وأما تفسيره بالمعجب بما عنده فتفسير بالمعنى الواقع.