التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ
٤٠

تيسير التفسير

{ ومِن الليْل فسَبِّحْه } متعلق بمحذوف نعت لمحذوف متعلق بسبح، أى ووقتا ثابتا من الليل سبحه، والفاء صلة أو من التبعيضية اسم للزمان هنا مضاف لليل متعلق بسبحه، أى وسبحه بعض الليل، وهذا البعض السحر أو نصف الليل، وقدر بعض مهما يكن من شىء فسبحه بعض الليل، وقدم بعض الليل ليكون كالعوض عن مهما يكن من شىء، أو الفاء عاطفة على محذوف تعلقت به من، أى استيقظ بعض الليل فسبحه، وذلك أن الانسان تبتدىء له مبادىء اليقظ فيحققه، أو يتسبب لليقظ.
{ وأدبار السُّجود } وقت ادباره، فأدبار مصدر ناب عن الزمان، كجئت طلوع الشمس، والمراد وقت انقضاء الصلاة، وقيل: المراد بالتسبيح الصلاة، لأنها كلها عبادة له خاصة وتنزيه، أو من تسمية الكل باسم البعض، لأن تسبيح الركوع والسجود بعض الصلاة، فقبل طلوع المشس صلاة الفجر، وقبل الغروب صلاة العصر، وأل فى الغروب عوض عن الضمير، أى وقبل غروبها، أو للعهد للخلق، فان طلوع الشمس مؤذن بغروبها كالولادة مؤذنة بالموت، ويجوز أن يكون من الليل المغرب والعشاء، وقبل طلوع الشمس الفجر، وقبل الغروب الظهر والعصر.
وعن جرير بن عبد الله، عنه صلى الله عليه وسلم:
"ومن الليل صلاة العتمة وأدبار السجود صلاة النوافل بعد المكتوبة" وعن ابن عباس قبل طلوع الشمس الفجر، وقبل الغروب الظهر العصر، ومن الليل المغرب والعشاء، وأدبار السجود النوافل بعد الفرائض ليلا ونهارا، وعنه الوتر، وعنه، وعن عمر وعلى، وابنه الحسن، وأبى هريرة: ركعتان بعد المغرب، وعن مجاهد: ركعتان بعد العشاء فى الأول: " { قل يا أيها الكافرون } " [الكافرون: 1] وفى الثانية: " { قل هو الله أحد } "[الإخلاص: 1] وقيل: من الليل المغرب والعشاء والنفل، وعن مجاهد: النفل، وعن عمر وعلى وابن عباس وغيرهم: وأدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأدبار النجوم الركعتان قبل صلاة الفجر، وعن عائشة رضى لله عنها: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شىء من النوافل أشد تعهدا منه على ركعتى الفجر، وفى مسلم عنه صلى الله عليه وسلم: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها" يعنى سنة الفجر.
وروى الترمذى، عن ابن مسعود: ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين بعد المغرب، والركعتين قبل صلاة الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وقيل: أدبار السجود التسبيح بالذكر بعد الصلوت الخمس، وروى البخارى، عن ابن عباس: امر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى: { وأدبار السجود } أن يسبح فى أدبار الصلوات كلها، وفى مسلم عن أبى هريرة، عنه صلى الله عليه وسلم:
"من سبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وكبر الله ثلاثاً وثلاثين فذلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت ذنوبه وإنْ كانت مثل زبد البحر" .
وفى البخارى: قال الفقراء: ذهب أهل الدثور بالدرجات، ويروى بالأجور، وبالنعيم المقيم، صلوا كما صلينا، وجاهدوا كما جاهدنا، وأنفقوا من فضول أموالهم، وليس لنا ما ننفق، فقال: "ألا أخبركم بما تدركون به من قبلكم، وتسبقون من جاء بعدكم، ولا يجىء أحد بمثل ما جئتم به إلاَّ من جاء بمثله: تسبحون دبر كل صلاة عشراً، وتحمدون عشراً، وتكبرون عشراً" .