التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ
٦

تيسير التفسير

{ أفلم ينْظُروا } أغفلوا فلم ينظروا، أو أعموا فلم ينظروا { إلى السَّماءِ } السماء الدنيا، وقيل: الأجرام العليا وهى السماء الدنيا والكواكب والشمس والقمر، بعض مبنى وبعض زين ذلك المبنى به، والصحيح الأول، والنظر بمعنى العلم، وان كان بمعنى الابصار بالعين، فمجاز عن عملهم به، وايقانهم بها، كأنهم شاهدوها وما شاهدوا الا ما زينت به من الكواكب والقمرين، وأما تلك الخضرة فظلمة لعجز البصر لا ظلمة حقيقة، ورأينا غرابا طار ومازلنا نراه حتى عجزت أبصارنا عن مشاهدته لدخوله فى تلك الظلمة، ومن هو أقوى نظراً يتأخر خفاؤه عنه عمن هو دونه، ومن ضعف بصره يرى تلك الظلمة أسفل مما يراها فيه قوى البصر، فلا نسلم أن تلك الظلمة بخار كما قيل، ولا هى لون السماء حقيقة، ولا هى لون الهواء، ظهر كذلك ولا لون له حقيقة، والحق ما قلته أولاً وهو مطرد فيما لا ينفذه البصر فوق أو تحت أو جانبا، ألا ترى البحر أخضر ولا خضرة فيه، وانما ذلك لكثرة طبقات الماء حتى عجز البصر عن نفاذها من فوق، وألا ترى أن النيرات كالكواكب ترى لأن ضوءها ينفذ تلك الظلمة.
{ فَوقَهُم } حال من السماء مؤكدة لصاحبها، وحمكته التلويح بجهالتهم، كأنهم يرونها كما يذكر اسم الاشارة مع الادراك بدونه فى مثل ذلك، وأنا أعجب لم لا أرى أحدا يقول بما قلت، كأنه مشى على الماء، أو صعود السماء { كَيْف بنَيْناها } مرتفعة بلا عمد تعتمد عليه من فوق أو من تحت، والعلاقة من فوق عمدة أيضا كما هى علاقة، وذلك أنه لو كانت لها عمدة لاحتاجت هذه العمدة الى أخرى، فتسلسل ذلك، أو يدور وكلاهما محال { وزيَّناها } بالقمرين والكواكب للناظرين { وما لها من فروجٍ } شقوق لقوتها، ولها أبواب، ويعهد أن يقال للأبواب شقوق، لكن ليست هنا مرادة بالفروج، لأنها تتعمد للمنفعة، لا لشق يحدث من ضعف، وأخطأ من قال: السماوات متلاصقات، لحديث:
"بين كل سماء وسماء خمسمائة سنة" لأن الآية فى نفس السماء على حدة، لا شق فيها.