التفاسير

< >
عرض

فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ
٢٨
-الذاريات

تيسير التفسير

{ فأوجَس } أضمر فى قلبه { منْهُم } بهم، أو هى للابتداء { خِيفةً } نوعا من الخوف حين أعرضوا عن طعام، لأن الآتى لسوء لا يأكلُ طعام من أتى هو اليه، وأكل الضيف أمنة من فعل الشر، وللطعام حرمة أن يخدع عنده خاف أن يكونوا قوما ارادوا قتله، وعن ابن عباس: أنه وقع فى نفسه عليه السلام أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب، وروى أن جبريل منهم مسح بجناحه الحنيذ فقام حيّاً ومشى الى أمه، فعرف أنهم ملائكة وزال خوفه.
{ قالُوا لا تَخَفْ } منَّا انا رسل الله تعالى، وهذا تأمين له، وانما قالوا: لا تخف لرؤيتهم أثر الخوف على وجهه، أو أخبرهم الله بخوفه، أو أطلعهم الله على ما فى قلبه من الخوف، ويقال: خافهم مع أنه علم أنهم ملائكة كما مر: لأنه خاف أن يكونوا للعذاب { وبَشَّروه } بيان لما فى الآية الأخرى:
" { فبشَّرناه بغلام } " [الصافات: 101] أى بشرناه بواسطتهم { بغُلامٍ } هو اسحاق عليه السلام عند الجمهور، وهو من سارة، وقيل: اسماعيل من هاجر، والصحيح هو الأول، وعلى الثانى الطبرى وغيره { عليمٍ } عند بلوغه بشروه بأنه يلد ذكرا، وأنه يحيا حتى يكون علما بليغا فى العلم، وذلك أشد سرورا، والعلم أشرف شىء، ومن علمه علم النبوة، وقيل: هى المراد فى الآية، آنسوه أو لا بازالة الخوف، ثم بشروه لأن التخلية قبل التحلية، ودفع المفسدة والمضرة أهم من جلب المنفعة والمصلحة، وقد قيل: علمهم ملائكة حين بشروه بغلام.