التفاسير

< >
عرض

فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً
٤
-الذاريات

تيسير التفسير

الملائكة التى تقسم الأمور على الخلق باذن الله، طبق ما فى اللوح المحفوظ، وقيل: المقسمات الأربعة، ملائكة، ولكل واحد أعوان: جبريل يفرق الوحى على الأنبياء، وميكائيل يحمل الرزق لأصحابه، واسرافيل للنفخ، وعزرائيل للموت، فامرا مفعول به، وهو واحد الأمور، والمراد الجمع، وأفرد لمناسبة رءوس الآى، وأولى من ذلك أن نقول: أمراً مفردا لفظا ومعنى، وهو مقدار مجموع لمن قضى لهم به، ويفرق كقبضة تفرق على متعدد، ونبقى وقرا على المصدرية الصالحة للقليل والكثير.
روى أن أبا الكواء سأل عليّاً على المنبر عن الذاريات الخ، ففسرها بما ذكرت، وأنه سأل صبيغ التميمى عنها عمر، فكلما فسر له واحدة قال: لولا أنى سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرة ما فسرتها لك، وجلده مائة، ولما برىء جلده مائة، وحمله على قتب، وأمر أبا موسى أن يكف الناس عن الكلام له، حلف له بالأيمان المغلظة، ما فى نفسى سوء، فكتب الى عمر: أنى ما اخاله إلا صادقاً، فخلى بينه وبين المجالسة والتكلم معهم، ولا يصح ذلك عن عمر، وان صح فلأمر فعل به ذلك، كارادة الجدال، ومعاياة الناس.
أوقيل: الأربعة رياح تنشىء السحاب وتحمله، وتجرى به، وتقسم الأمطار، وعن ابن عباس: الحاملات السفن، والجاريات السحب، وقنل: الكواكب فى منازلها، وقيل: الكواكب السبعة وقيل: الحاملات الحوامل من الحيوانات، وقيل: الذاريات النساء الوالدات. يذرين الأولاد، شبه تتابع الأولاد بما يتطاير من الريح، وقيل: الذاريات الأسباب التى تذرو الخلائق تشبيها بالرياح، المفرقة للحبوب ونحوها، وقيل: الحاملات الرياح الحاملة للسحب، وقيل: الأسباب الحاملة لمسبباتها، وقيل: الجاريات الرياح تجرى فى مهابها، وقيل: المقسمات السحب، يقسم الله بها أرزاق العباد سبحانه وتعالى، وفى الأسناد مجاز، لأن القاسم هو الله عز وجل.
ومن قال: "المقسمات أمراً" الكواكب السبع تدبر أمر عالم الوجود والفناء أشركوا ثبت ما نفته الملائكة والأنبياء وانما هى لما ذكر الله سبحانه من أنها زينة ورجوع للشياطين، وعلامات يهتدى بها، قال الربيع بن أنس: والله ما جعل الله فى نجم حياة أحد ولا موته، والحق ما فسر به النبى صلى الله عليه وسلم، وقد تبعه عمر وعلى، والفاء للترتيب الذكرى والرتبى، لتفاوت المراتب فى الدلالة على كمال قدرة الله عز وجل على الترقى والتدلى أو بالنظر الى الأقرب فالاقرب الينا، وقيل: كلهن الرياح تنزيلا لتغاير الصفات منزلة تغاير الذوات، فانها تذرو السحاب وتحمله، وتجرى فى الجو جريا سهلا، وتقسم الأمطار بتصرف السحاب فى الأقطار، فتكون لترتب الأفعال تذرو الأبخرة حتى تنعقد سحابا فتحمله، فتجرى سابقة له، فتقسم أمطاره، وشدد القسم للتأكيد، فان المقصود عند الناس النفع، وما لا مفعول له قدر أو نزل منزلة اللازم مثل أن تقدر الذاريات ترابا، وأجاب القسم بقوله.