التفاسير

< >
عرض

فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ
٤٤
-الذاريات

تيسير التفسير

{ فعَتَوا عن أمْر ربِّهم } لأن قوله هنا: "فعتوا" مرتب على تمام القصة، كأنه قيل: جعلناه لثمود آية، وشرع فى بيان تلك الآية، فأخبرنا سبحانه وتعالى أنهم عتوا الخ، أى استكبروا عن الامتثال، والفاء للتفصيل، وعن الحسن: قال الله عز وجل لهم: " { تمتعوا حتى حين } " [الذاريات: 43] حين بعث اليهم صالح، وأمروا بالايمان به، والحين آجالهم، والعتو بعد امرهم بالايمان، فالعتوا متأخر عن قوله: "تمتعوا" واختار بعض المحققين هذا الظاهر فاء التعقيب، كأنه قيل: تمتعوا الى آخر آجالكم، فان أحسنتم فزتم بتمتع الدارين، والا فما لكم فى الآخرة من نصيب.
{ فأخذتْهُم } أهلكتهم لعتوهم { الصَّاعقة } النار من السماء، أو الصيحة من السماء، أو النار مصحوبة بالصيحة، أو الصيحة مصحوبة بنار، وعدهم صالح الهلاك بعد ثلاثة أيام، وقال: تصبح وجوهكم غدا مصفرَّة، وبعد غد محمرَّة، وفى الثالث مسودَّة، ويصبحكم العذاب، فلما رأوا وجوههم مصفرة قصدوا قتله، فنجاه الله تعالى الى فلسطين، وقيل: ولو تابوا لم تقبل عنهم، لأنهم شاهدوا، وفى ضحوة الرابع تحنطوا وتكفوا بالانقطاع، فجاءتهم الصاعقة.
{ وهُم ينْظرُونَ } اليها وهى النار بعيونهم، وان كانت الصاعقة الصحية فقد نزل المسموع منزلة المنظور استعارة للنظر للسمع بجامع الادراك، أو استعمالا للمقيد وهو الادراك بالعين للمطلق، وهو الادراك هكذا، فأخذ منه السمع على التجوز الارسالى، وان قلنا: ينظرون بمعنى ينتظرون صلح للسمع والابصار، فهم ينتظرون العذاب إذ رأوا علاماته، ومما يقال ولا يحقق: انتظار العذاب أشد من وقوعه، ولا شك أن وقوعه أشد، وانما الانتظار زيادة فيه، نعم ان كان السوء خفيفا ولا يدرى بخفته، واشتد القلق مدة انتظاره، يكون انتظاره أشد.