التفاسير

< >
عرض

وَذَكِّرْ فَإِنَّ ٱلذِّكْرَىٰ تَنفَعُ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٥٥
-الذاريات

تيسير التفسير

{ وذَكِّر } لا مفعول له، لأن المعنى دم على التذكير هكذا أو له مفعول محذوف، أى ذكرهم بلا جدال ولا هم، أو ذكر الناس مطلقا، وقد أمر عمر رضى الله عنه تميما الدارى أن يعظ الناس فى كل سبت، بعد طلب تميم ذلك، وقال: عظ واعلم أنه الذبح، وينبغى للقاص أن لا يطيل فيملوا فتذهب بركة العلم، وعن ابن مسعود: للقلوب نشاط واقبال وادبار، فحدث القوم ما أقبلوا عليك، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "روحوا القلب ساعة" وينبغى لمن يطيل أن يذكر لهم فى مجلسه ما يتبسمون به ترويحا لهم، وقد روى أن الخليل بن أحمد يذكر بعض الأضاحيك تنشيطا بذلك، ويأمر به، وكان عمر يذكر الزهد ويخوف، وإذا رآهم كسلوا ذكر الغرس والبناء، واذا نشطوا رجع الى الوعظ، وينبغى للمستمع أن يقول للواعظ أو المعلم كلما حدثه بحديث أن يقول له: صدقت أو أحسنت، ليكون راغبا، ولا بد من حذر الرياء.
{ فإنَّ الذكْرى } التذكير { تنْفَع المؤمِنين } من قضى الله عز وجل له بالايمان، أو تزيد من كان مؤمنا إيمانا، وتثبته، ومثل الآية فى القرآن كثير من المواعدة، يقال: انه منسوخ بآية القتال، وليس كذلك، فان التذكير لا ينسخ فلا حاجة الى دعوى النسخ، وعن ابن عباس: "فتول عنهم" أمر بالتولى عنهم ليعذبهم، ونسخه بذكر الخ، ولا يصح هذا عنه لان قصد التعذيب لا ينسخ، وانما النسخ فى الأحكام، وإن صح فمراده إظهار خلاف ما فهموا، وعن على لما نزل: "فتول" الخ لم يبق منا أحد إلا أيقن بالعذاب، فنزل: "وذكر" الخ فطابت انفسنا، وظننا أن من الكفار من يؤمن، وعن قتادة ظنوا أن الوحى قد انقطع، وأن العذاب قد حضر، فنزل: "وذكر" وظاهر كلام على أن المؤمنين خافوا عموم العذاب فى الدنيا والافهام عنهم للكفار فقط، والتذكر عام وقيل ذكر المؤمنين فان الذكرى تنفع المؤمنين، أى يزدادون بها خيرا.