التفاسير

< >
عرض

مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ
٥٧
-الذاريات

تيسير التفسير

الرزق أعم من الطعام لشموله المنافع من لباسه وغيره، وليس تعالى كالناس يستعينون بعبيدهم فى أرزاقهم، ولم يخلقهم الله استعانة بهم، بل ليعبدوه وهو غنى عن عبادتهم، وهو منزه عن الأكل والحاجة، ويجوز أن يكون المعنى ما أريد منهم أن يرزقوا أنفسهم ولا غيرهم، ولا أن يطعموا خلقى، وأنا رازق الكل، ومطعم الكل، وروى هذا عن ابن عباس، والمراد بالاطعام ما يشمل السقى، وقد سمى الشرب طعاما فى سورة البقرة، وأسند الطعام الى نفسه، والمراد اطعام خلقه، وهم عياله، ومن أطعم عيال أحد كمن أطعمه، أى ولا أن يطعمونى باطعام عيالى، وفى الحديث القدسى: "يا عبدي مرضت فلم تعدني، وجعت فلم تطعمني أي مرض عبدي فلم تعده، وجاع عبدي فلم تطعمه" .
ولفظ مسلم عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله: "إنَّ الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال، أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده أماهإنك لو عدته لوجدتني عنده، يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي" ومعنى قولك: كيف أعودك، كيف تمرض فأعودك، وقيل بتقدير قل: أى وقل: ما اريد منكم من رزق وما أريد أن تطعمونى، أى قل فى شأنهم معك: ما أردت من هؤلاء أن يرزقونى، وما أريد أن يطعمونى كقوله: " { قل لا أسألكم عليه أجراً } " [الأنعام: 90، الشورى: 23] كما جاء: " { قل للذين كفروا ستغلبون } " [آل عمران: 12] بالتاء وجاء بالياء.