التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ
٧
إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ
٨
-الذاريات

تيسير التفسير

{ والسَّماءِ ذاتِ الحُبُك } أى الطرق جمع حبيكة كطريقة وطرق، أو جمع حباك كمثال، ومثل وذلك كحبك الماء الجارى القليل، أو الماء الماكث الذى تحركه الريح، والمراد الطرق المحسة التى تسير فيها الكواكب، أو المعقولة كوحدة الله تعالى وقدريته، وعلمه وحكمته، وسائر صفاته وايجاده الأشياء، وابقائه لها، واعدامها وسائر أفعاله، ومن أجاز الجمع بين الحقيقة والمجاز أجاز ارادة الطرق المحسنة والمعقولة، وعن ابن عباس: ذات الخلق المستوى الجيد، وقيل: المتقنة البنيان، وهما روايتان عن مجاهد وقيل: ذات الصفاقة يقال: حبكت الشىء، أحسنته وأتقنته، والحباكة الصفاقة.
وعن الحسن: الحبك النجوم، وهو مجاز، وجهه أنها كالطرق فى التزين للسماء، كما يزين الثوب بوشيه، والسماء السماوات زينت بالنجوم، فى الفلك الأعلى وهن شفافات، أو السماء الدنيا زينت بالنجوم فيها أو تحتها، وعن على وابن عباس: السماء السابعة، وذلك قسم ثان أجابه بقوله:
{ إنَّكم لَفِي قَولٍ مُختلفٍ } اختلف بعضه مع بعض، أو مع الحق مثلى قولهم بتكذيبه صلى الله عليه وسلم، وقول المؤمنين بصدقه، على تعميم الخطاب، أو من الافتعال بمعنى التفاعل أى متخالف ينقض بعضه بعضا، فان كلا من قولهم: سحر وأساطير الأولين، وافتراء وتعليم بشر، وكلام مجنون، يخالف الآخر، ولا سيما أن المجنون لا يتعلم ولا يسحر، لأن السحر بالعقل وجودة الاحتيال، وقد يقولون ذلك من الجن على يد المجنون، لكن لا مميز ولو من الأطفال، يقولون انه صلى الله عليه وسلم مجنون، ومن اختلاف قولهم أنهم يقولون انه صلى الله عليه وسلم ساحر، وتارة يقولون مسحورة ذلك قول بعض، وأما شفاعة الأصنام لهم فالظاهر أنهم قالوا بها على فرض صحة البعث، لا على الجزم به، أو أثبتوها لأمر الدنيا، وعلى كل فى قولهم عور وشين وقبح، لا كحبك السماء، ويبعد ما قيل: ان أقوالهم شبيهة فى تخالفها بتخالف طرق السماء.