التفاسير

< >
عرض

فَذَرْهُمْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ
٤٥
يَوْمَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
٤٦
-الطور

تيسير التفسير

{ فذرهم } ولا عليك فقد بلغت، وقيل نهى عن قتالهم فيكون منسوخا، وليس المراد ذلك، بل المراد لا شىء عليك إذ بلغت { حتَّى يلاقوا } مفاعلة بمعنى الفعل، كما قرىء حتى يلقوا بفتح الياء واسكان اللام، أو شبه اليوم بشىء يتلقاهم، فتكون المفاعلة على بابها { يَومَهم الَّذي فيه يُصْعقُون } يموتون أو يسكرون سكر الموت، وذلك يوم بدر، وقيل يوم نفخ البعث، ويرده أنهم يومئذ موتى قبل، وانما يصعق من وجد حيّاً فى ذلك الوقت، وفى الحديث: "لا يبقى أحد ممن حيى الآن حياً بعد مائة عام" أى إلا الخضر وإلياس، وقيل: ماتا، وكذا لو فسرنا اليوم بيوم نفخة الفزع، على أن الفزع شبيه بالسكر، أو يسكرون به ثم يصحون فانه انما يسكر الحى وهم موتى قبل ذلك، ولا يقبل ما قيل ان الموتى يصعقون أيضا لا كصعق الأحياء من كل وجه، وذلك يحتاج الى نقل والى أنهم يحيون فى قبورهم، وأيضا يضعف التهديد بالصعق بعد الموت، والجمهور على أن اليوم يوم موت الناس كلهم، وقيل: يوم موت هؤلاء، ولا يخفى أن قوله تعالى:
{ يَوم لا يغْني عَنْهم كَيْدهم شيْئاً } ظاهر فى أن ذلك وقت يطمعون أن ينفعهم كيدهم، وإنما ذلك وقت حياتهم، ولا حيلة يوم نفخة الموت، وقد يقال: المراد يوم لا كيد لهم فضلا عن أن ينفعهم كقوله:

* على لاحب لا يهتدى بمنارة *

أى لا منار فيه فضلا عن أن يهتدى به وشيئا مفعول به ليغنى، أى لا يدفع عنهم كيدهم شيئا من العذاب، أو مفعول مطلق، أى لا يغنى عنهم اغناء ما، وقد يقال: المعنى لا يغنى عنهم كيدهم الذى كادوه فى الدنيا، أى نفعهم نفعا ما قبل الموت، ولا ينفعهم بعده، وذلك أنك تكيد انسانا فيؤكد فيه كيدك ذلك الوقت، وفيما بعد مثل أن يهابك { ولا هُم ينْصرونَ } من جهة غيرهم كما لم ينصروا من جهة كيدهم.