التفاسير

< >
عرض

وَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ
٤٨
-الطور

تيسير التفسير

{ واصْبر لحُكْم ربِّك } بامهالهم الى أجلهم، ولا يستفزك الأحزان والهموم { فإنَّك } لأنك { بأعْيُنِنا } فى أعيننا حفظنا، لا يصلون اليك بما تكره، فالعين مجاز عن الحفظ وعن المحافظة، وجمع العين لاضافته الى نا، وفى ذلك مبالغة فى حفظه تعالى، أو كأن له من الله حفَّاظا يحفظونه بأعينهم، ولأن المراد تصبيره صلى الله عليه وسلم على أشياء من المكائد والتكاليف، وأفرد فى طه لاضافته الى ضمير الواحد ولافراد الفعل وهو كلاءة موسى عليه السلام، وجمع هنا لتعدد الفعل وهو الصبر على المكائد، وتكاليف الطاعات، وفى ذلك تفضيله صلى الله عليه وسلم على موسى عليه السلام.
{ وسَبِّح بَحمْد ربِّك } قل سبحان الله ملتبسا بحمد ربك على نعمه التى لا يعلم عددها إلا الله تعالى، قال عاصم بن حيمد: سألت عائشة بأى شىء يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته فى الليل اذا قام؟ فقالت: سألتنى عن شىء ما سألنى عنه أحد قبلك، كان اذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا وسبح عشرا وهلل عشرا واستغفر عشرا وقال:
"اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني" وكان يتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة، رواه أبو داود، وروى الترمذى وأبو داود، عن عائشة رضى الله عنها أن ذلك هو قوله عند الصلاة: "سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك" وذلك أمر بمدح للأمر الذاتى، وللأمر الفعلى، وذلك تسبيح وحمد يقول: سبحان الله والحمد لله بهذا اللفظ، أو ما يؤدى معناه.
{ حِينَ تَقُوم } أى فى قيامك فى الصلاة، فان الصلاة لا تخلو عن التسبيح والحمد بأى لفظ، ولا سيما أن فيها الحمد لله رب العالمين، وفيها سبحان ربى العظيم، وفيها سبحان ربى الأعلى، ويراد بالقيام فى الصلاة الكون فيها، فشمل الركوع والسجود والتحيات، وعن ابن عباس، والضحاك: إن ذلك قولنا: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وعن سعيد بن المسيب: حق على كل مسلم حين يقوم الى الصلاة أن يقول: سبحان الله وبحمده لهذه الآية المنزلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك زيادة على ما قبله، أو المراد ذلك.
وعن ابن عباس: سبح بحمد ربك حين تقوم من فراشك الى أن تدخل فى الصلاة، وقيل: القيام فى القائلة، والتسبيح صلاة الظهر، وعن أبى بردة الأسلمى، أنه كان صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن يقوم من المجلس قال:
"سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك" فقيل له، فقال: "كفارة لما يكون في المجلس" قال الترمذى، قال أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "من جلس مجلساً فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلاَّ أنت أستغفرك وأتوب إليك كان كفارة لما في ذلك المجلس وإنْ كانت تباعة فليؤدها" وذلك تعليم لنا، لأنه صلى الله عليه وسلم لا يلغو فى مجلس ولا غيره، ولا يلزم تفسير الآية بذلك.