التفاسير

< >
عرض

وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ
٦
-الطور

تيسير التفسير

المملوء ماء، وهو المحيط فانه عميق جدا عريض، لا تقطعه الشمس ولا ضوؤها، دائر بالدنيا كلها، هذا ما فى بعض الكتب، وأما بالمشاهدة فقال السياحون من الافرنج وغيرهم: انها تقطع المحيط والأرض كلها، وليس على استدارة، بل على الاحاطة، ألا ترى أنه داخل فى المغرب الأقصى، حتى ان عليه سبتة، أو البحر المسجور جيس البحور المالحة، وزعم بعض أنه بحر تحت العرش قيل: فيه ماء غليظ عمقه ما بين سبع سماوات الى الأرض السفلى، ينزل أربعين يوما كالنطفة، ينبت الناس به يوم القيامة وهو خطأ، وروايته مرفوعا لا تصح، ولا عن على وابن عمر، وزعموا أنه يمطر ذلك الماء على القبر فيخرج الموتى كما يخرج النبات، ثم ينفخ اسرافيل فيحيون، والصواب أنهم يحيون فى قبورهم بالنفخ فيخرجون أحياء ينفضون التراب عن رءوسهم، وقيل: البحر المسجور بحر فى السماء يسجر أى يوقد لأهل النار يوم القيامة.
ولا يخفى أن أهل النار يكونون فى الأرض بل تحتها فى الأرض السابعة، ويروى أن يهوديا قال: انه بحر فى السماء يوقد لأهل النار، فقال على: ما أظنه الا صادقا، وحمل عليه الآية، ويقال: المراد جنس البحر المالح أو المحيط، وأنه يوقد يوم القيامة مادة على أهل النار، وكذا فيما قيل من أن البحار كلها تجعل بحرا واحدا محميا فيكون اسم المفعول للاستقبال فى القول أو للمضى، بل للحال لتحقق الوقوع، وقيل: السجور انزال الماء على أنه يزال ماؤه يوم القيامة، فيكون من الأضداد، مع القول بأنه المملوء، ولعله مملوء يوقد، ثم يفرغ على أهل النار.
وعن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"لا يركبن رجل البحر إلاَّ غازيا أو معتمراً أو حاجاً فإنَّ تحت البحر ناراً، وتحت النار بحراً" وقيل محبوس عن أن يغاض ماؤه، وعن أن يفيض على الأرض، كما يقال: كلب مسجور، وقيل: المعنى المفجر: لقوله تعالى: " { وإذا البحار فجرت } " [الإنفطار: 3] وأصحاب هذه الأقوال ناظرون لما يصح فى اللغة، ولا مستند لها، وبين المحبوس والمفجر تضاد أيضا، وهذه خمسة واوات: والأولى لقسم على وقوع الشر بلا واسطة، والأربع للقسم كذلك بواسطة العطف، رأى رجل خمس واوات فى كفة فعبرت له بخير، وقال ابن سيرين: تهيأ لشر، فقيل: من أين؟ فقال من قوله تعالى: { والطور } الخ فما مضى يومان أو ثلاثة الا قتل وأخذ ماله.