التفاسير

< >
عرض

لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ
١٨
-النجم

تيسير التفسير

{ لَقَد رأى } ليلة الاسراء { مِن آيات ربِّه الكُبْرى } من للتبعيض متعلق بمحذوف حال من الكبرى، والكبرى مفعول به لرأى على حذف الموصوف، أى لقد رأى بعينه الآيات الكبرى من آيات ربه، وعن ابن مسعود: الكبرى واحدة هى رؤية جبريل على صورته، فيكون مفعولا به لرأى، والتفسير بالآيات الكبرى أولى، وأل للحقيقة، وهذا أولى من جعله مفعولا به مضافا لآيات، إذ لا دليل على اسمية من التبعيضية، والكبرى نعتا لآيات، وأولى من جعل الكبرى نعتا لآيات، والمفعول محذوف، أى شيئا ثابتاً من آيات ربه، وأولى من جعل آيات مفعولا به على زيادة من فى الاثبات والتعريف، والمقام لتعظيم، فالوجه الأول أولى.
ثم هذا من حيث المعنى، لأن المناسب للتعظيم الذكر إلا أنه لا مانع من أنه حذف للتفخيم، أى رأى من آيات ربه الكبرى ما رأى، ومن ذلك أنه رأى رفرفا من الجنة أخضر سد الأفق، رأى جبريل فى صورته المهولة التى خلق عليها، وغير ذلك مما يذكر فى أخبار الاسراء، وبينما الانسان يوحد الله سبحانه وتعالى وينزهه عن صفات الخلق، رجع على عقبيه، وأثبت الشبه ونقض قوله، وقال: انه صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة الاسراء، وأنه يراه المؤمنون يوم القيامة فى الجنة، وأنه يجىء الى المحشر فى هيئة سيئة فيقول له أهل المحشر: نعوذ بالله منك، لست ربنا، ثم يجىء فى هيئة حسنة فيقولون: أنت ربنا، وفسر الآية بأنه صلى الله عليه وسلم رآه ليلة الاسراء، قالت عائشة: أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال:
"إنما رأيت جبريل" وقرأت مستدلة على نفى رؤيته: " { لا تدركه الأبصار } " [الأنعام: 103] وقالت: من قال ان محمد رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، وقالت: الضمائر فى " { دنا فتدلى } " [النجم: 8] و " { قاب قوسين } "[النجم: 9] و " { فاستوى * وهو بالأفق الأعلى } " [النجم: 6 - 7] وهاء رآه لجبريل، ومن قال لِلَّه جل وعلا فقد أخطأ.
وزعم بعض أن
" { فاستوى * وهو بالأفق } " [النجم: 6 - 7] الله عز وجل على معنى العظمة، ولا يحسن ما قيل عن الحسن إن " { شديد القوى } "[النجم: 5] هو الله، وجعل القوة للتعظيم، وأن " { ذو مرة } " [النجم: 6] هو الله عز وجل، وأن المرة هو الحكمة، وما ذكر تلميذ السيوطى أنه قال صلى الله عليه وسلم: "رأيت ربى" موضوع، ومن قال رأى ربه بقلبه أخطأ أيضا، لأن الرؤية به ادراك، والادراك هو المحذور، وحديث رأيته بفؤادى موضوع، أو معناه أيقنت بوجوده، وقالوا: انه قال: رأيته بفؤادى مرتين أنه قال مرتين رأيته بفؤادى أى أيقنت به، وهو خطأ فانه موقن بالله دائما لا مرتين فقط، وان كان المراد أنه رأى جبريل مرتين بمعنى أيقن به فخطأ أيضا، لأنه أيقن به دائما لا مرتين فقط، رآه على صورته التى عليها مرتين أو على غير صورته، وحجج إثبات الرؤية والتأويل إليها، وحجج خلق الفاعل فعله، وحجج المجبرة واهية متكلفات، كما هو شأن العاجز شبيهة بتعمد العناد، بل روى عن أحمد بن حنبل، أنه إذا سئل عن الرؤية قال: رآه رآه رآه حتى ينقطع نفسه عنادا وعجزا، وذلك ليلة الاسراء، أو قال: يراه يراه يراه وذلك فى الجنة.