التفاسير

< >
عرض

أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ
١٩
-النجم

تيسير التفسير

{ أفرأيتُم } أجهلتم أعظم الجهل مع صحة عقولكم، أو أتستمرون على ما أنتم عليه بعد الحجة، فرأيتم هذه الأصنام الثلاثة مع حقارتها جدا، ومع عظم شأن الله عز وجل بنات الله عز وجل، بدليل: " { ألكم الذكر وله الأنثى } " [الجم: 21] وقيل: أرأيتم هؤلاء الثلاث مع حقارتها وعجزها شركاء لله، مع عظم شأنه وقدرته، أو المعنى أخبرونى ألها شىء من القدرة التى لله عز وجل على الخلق والرزق، وكل نفع أو ضر، أو يقدر قل لهم: أفرأيتم أو أرأيتموها تنفعكم ان عبدتموها، وتضركم ان تركتموها، والهمزة للانكار والتوبيخ، والخطاب لعبادها، والرؤية بصرية أو علمية أو ظنية أو اخبارية كما رأيت { اللات } هى صنم لثقيف بالطائف، وكانت قريش تعبدها قال قائل:

وفرت قريش الى لاتها بمنقلب الخائب الخاسر

وقيل: كان بالكعبة، وقيل: بنخلة عند سوق عكاظ تعبده قريش، ويجمع بأنه كان فى موضع من تلك المواضع، وحمل الى المواضع الأخرى، أو تعدد، وألفه عن ياء وتاؤه أصل أو عن واو من اللوت وهو اللطخ، وقيل: عوض عن الكلمة، وأصله لوية لأنهم يعكفون، أو يطوفون عليه ويلوون للعبادة، وقلبت الواو ألفا لتحركها بعد فتح فهو كأخت وبنت، ويحتمل أن يكون مخفف لاتُ بالشدّ، كما قرىء بالشد اسم فاعل لتَّ أى عجن، كان رجل يلتّ السويق على حجر للحجاج ولا يشرب منه أحد إلا سمن، ولما مات عبدوا ذلك الحجر إعظاما له، وقيل: عكفوا على قبره وعبدوه كما فى البخارى عن ابن عباس، وعن مجاهد: صخرة بالطائف يصنع رجل عليها حيس لمن يمر، ولما مات عبدوه على تلك الصخرة، وقيل: قال لهم عمرو بن لحى: لم يمت إلا أنه داخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا، وقيل: كان رجل من ثقيف يقال له: صرمة بن غنم يضع السمن على الصخر، فتلت العرب به أسوقتهم، ولما مات حولتها ثقيف الى منازلهم.
ويناسب ما ذكرت من التخفيف عن الشد، ما روى أن رجلا من ثقيف بلت السويق بالزيت للمار، ولما مات عبدوا قبره، وقيل اللات عامر بن الظرب { والعُزَّى } مؤنث الأعز صنم لغطفان، وهى سمرة بنخلة، وضعها لهم سعد بن ظالم الغطفانى، وقيل: ثلاث سمرات، لما فتح صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد فقطعهن، وهدم بيتا كان عليها، فأتى فقال صلى الله عليه وسلم: ارجع لم تفعل شيئا، فرجع فلما رأته السدنة مضوا وقالوا: يا عزَّى يا عزَّى، فأتاها فاذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثوا التراب على رأسها، وتدعو بالويل، ووضعت يدهاعلى رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها، فأتى فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم:
"الآن قتلتها تلك العزى لن تعبد أبداً" وقيل: قال له: "ارجع" فرجع فقطع أصلها، ولما قطعه خرجت تلك الشيطانة تقول ما ذكر.
وقيل: لقومه لأهل مكة الصفا والمروة وإله يعبدونه، ورأى أن أصنع لكم مثل ما لهم فقالوا: نعم، فأخذ حجرا من الصفا، وحجرا من المروة، ووضع كلا فى موضع، فقال الحجران، الصفا والمروة لكم، وجمع ثلاثة أحجار فقال: هذا ربكم، وقد أسند الحجارة الى شجرة فعبدوا الحجارة وطافوا بين حجر الصفا وحجر المروة، فأمر صلى الله عليه وسلم بقطع الشجرة وازالة الأحجار والحجرين، وقيل: العزى بيت بالطائف لثقيف، وكان خالد يقول حين يقطعها:

يا عز كفرانك لا سبحانك إنى رأيت الله قد أهانك

وكانت بالطائف وقيل بالكعبة كما قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، ويجمع بالنفل أو بالتعدد.