التفاسير

< >
عرض

أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ
٣٨
-النجم

تيسير التفسير

ألا تذنب نفس قابلة للذنب وممكنة، أن تذنب ذنب نفس أخرى، أى لا تحمله عنها، وتعاقب به دونها،كما زعم الذى تحمل عن الوليد ذنوبه، وأما نحو قوله صلى الله عليه وسلم: "من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" فالمراد أن عليه ذنب الإضلال الذى أضل به غيره، لا ذنب الضال به، فانهما معاقبان معا، وأن مخففة مصدرية، والمصدر بدل من ما، كأنه قيل: أم لم ينبأ بانتفاء وزر وازرة وزر أخرى، وجاء عن ابن عمر، وابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه" فقيل: هو على ظاهره، وترده الآية: "ألاّ تزر وازرة وزر أخرى" وانما ذلك اذا سنَّ الميت لأهله البكاء على الجزع، أو أمرهم بالبكاء عليه بطريق بكاء الجزع.
وهكذا أراد ابن عمر وابن عباس برواية الحديث، وقيل: الحديث فى يهودى مات أنه يعذب فى قبره مع بكاء أهله عليه، وفى لفظ عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال:
"أنَّ أهل الميت ليبكون عليه وإنه يعذب بجرمه" وقالت: ان ابن عمر غلط، وانه لا يكذب هو ولا ابن عباس، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "افتدوا عن النياحة قبل يوم القيامة، فانه لا درهم يوم القيامة ولا فلس إنما هي حسنات الظالم تعطى المظلوم، فإن لم يستوف فذنوب المظلوم وتوضع عليه" فلم يصح عنه صلى الله عليه وسلم، وان صح فعلى بمعنى عن، أى توضع ذنوب المظلوم عن المظلوم أى يغفرها الله، وذلك لأنا عرضنا الحديث على الآية، فنافاها فبان أنه مأول، أو أنه لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله.
وجوز الشيخ يوسف بن ابراهيم حمل حديث وضع ذنوب المظلوم على الظالم على ظاهره فيأخذ منه المقلدان المسألة من الأصول، ثم ان فنيت حسنات الظالم، أو لم تكن حسنة، أو كانت له الحسنات، وقد سبق اليها مظلوم آخر قبله، أعطاه الله عز وجل من الجنة، ودخل الظالم النار، كما أنه اذا أخذ الورثة الدية، أو بيت المال أو الفقراء، أو عفا الورثة عنها، فللمقتول الثواب من الله عز وجل، وكذا ان قتل القاتل.