التفاسير

< >
عرض

ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ
٦
-النجم

تيسير التفسير

{ ذُو مِرةٍ } صاحب استحكام العقل، فذلك وصف له باستحكام العقل بعد وصفه بقوة بدنه وفعله، ولا بأس بأن توصف الملائكة بالعقول وهو الصحيح، والمانع يفسر ذلك بالكناية عن ظهور الآثار البديعة، وعن ابن عباس: ذو شدة فى أمر الله تعالى، كقول الشاعر نابغة ذبيان: وهنا قوى ذى مرة حازم، وعنه: ذو منظر حسن، وعنه، من طريق السدى: ذو حكمة، وقيل: ذو خلق طويل حسن، وعن مجاهد: ذو عقل حسن، ولا يخفى أن الحكمة خلق حسن، وفى الحديث: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سويَّ" أى ذى قوة عقل وتدبير سوى البدن، قادر على الكسب، وفسر فى الحديث أيضا بقوة البدن، والمرة تدل على زيادة القوة لأنها فى الأصل تدل على المرة بعد المرة، كما يقال: أمررت الحبل أى أحكمت قتله.
{ فاسْتَوى } اعتدل جبريل على صورته فى ستمائة جناح، كل جناح يسد الأفق، والعطف على محذوف كأنه قيل: هل رآه؟ فقيل: رآه فاستوى، وذلك أن الله عز وجل أقدر رسول صلى الله عليه وسلم على رؤية جبريل عليه السلام، مع استوائه على صورته، أو رآه على غير صورته فرجع الى صورته وذهب، وقيل: العطف على علمه الخ بمعنى علمه فارتفع الى السماء، فالاستواء بمعنى الارتفاع، والفاء للترتيب بلا سببية فى ذلك كله، والكلام فى ذلك كله منتظم حسن، وقيل: العطف على علمه الخ بطريق التفسير، فانه الى قوله:
" { ما أوحى } " [النجم: 10] بيان لكيفية التعليم، وفيه أن كيفية التعليم غير منحصرة فى قوله: { فاستوى } الخ، وذكر بعض أن الفاء سببية، لأن تشكله بشكله يتسبب عن قوته وقدرته على الخوارة، والظاهر أنه قادر عليها، ولو كان على صورة البشر أو أقل، وقيل: ضمير استوى للنبى صلى الله عليه وسلم.