التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ جَآءَ آلَ فِرْعَوْنَ ٱلنُّذُرُ
٤١
كَذَّبُواْ بِئَايَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عِزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ
٤٢
أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ
٤٣
-القمر

تيسير التفسير

{ ولقد جاء آل فرعون النُّذر } حقيقة الإنذار وجنسه أو الانذارت، أو المنذرون الذين هم موسى وهارون ومن أعانهما من المؤمنين أوالأنبياء السابقون قبلهما، لأن الدعوة واحدة، ويدل لهذا قوله تعالى:
{ كذَّبوا بآياتنا كُلِّها } آيات الأشياء كلها، وهذا لابقاء العموم على ظاهره أولى من أن يقال: المراد آيات موسى التسع، ووجه التعبير بالتسع أنهن المعهودة على عهد فرعون، ودخل فرعون فى الكلام بالأولى، لأنه رأس قومه فى الكفر، وامامهم فيه، وكأنه قيل: ما فعل آل فرعون إذ جاءهم النذر؟ فقال: كذبوا ولما أشعر قوله تعالى: { ولقد جاء آل فرعون النذر } بالعقاب على نسق ما مر فى السورة من ذكر هذه العبارة فى العذاب، صار محلا، لأن يقال: فماذا وقع بهم؟ فأجاب بقوله:
{ فأخَذْناهم أخذ عَزيزٍ مُقْتَدر } بعد ذكره موجبه الذى هو تكذيبهم بالآيات كلها، وواو كذبوا وهاء اخذناهم لآل فرعون، لقرب ذكرهم، وليجرى على نسق ما قبله من ذكر كل قوم بما لاق بهم، وزعم بعضهم أن الضميرين لهؤلاء الأقربين، وهم آل فرعونه، ولمن ذكر قبل مع بعد، وأن الكلام تم فى قوله: { النذر } وهو خلاف الظاهر، وانما تم فى قوله: { أخذ عزيز مقتدر } والفاء تفريع وتسبب، والعزيز المقتدر الله تعالى، فالنصب على المفعولية المطلقة المجردة عن التشبيه، إذ ليس المراد تشبيه أخذه بأخذ أحد عزيز مقتدر، بل أراد للتعظيم بالعزة والاقتدار، وهو افتعال من القدرة للمبالغة، وهنا تم الكلام على الأمم فصرف الكلام على كفار هذه الأمة فقال:
{ أكفَّاركُم } معشر العرب، أو يا أهل مكة، ويلتحق بهم غيرهم، والخطاب إما للمؤمنين أو مع غيرهم، فيشكل عليه أنه يلزم أن يكون الاستفهام الانكارى فى الآية متوجها الى المؤمنين، مع أنه لا عتاب عليهم، وأيضا لا يناسبه قوله تعالى: { أم لكم براءة في الزبر } فانه لا يدعى المؤمنون أن لهم براءة فى الزبر، ويجاب بأن اللفظ خطاب عليهم لأجل كفارهم، والمراد به اسماع كفارهم، ويقدر مضاف أى أم لكفاركم براءة فى الزبر، واما للكفار بأن يخاطب كل كافر ينافى الكفار أو جرد منهم لشدة كفرهم كفاراً آخرين، ولم يقل أنتُم للنص على كفرهم.
{ خيرٌ } بالمال والعدد والعدة وقوة الأبدان وطول عمر { مِن أولئكُم } من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وآل فرعون، لا بل أو أولئكم خير وقد أصابهم الهلاك بكفرهم، فكيف لا تخافون أن يصيبكم بكفركم، وقيل يجوز أكفاركم خير من أولئكم بلين الشكيمة فى الكفر، وفيه نظر، لأنا لا نسلم أن كفَّار العرب أو أهل مكة أشد كفرا، بل الأمم السابقة أشد كفرا { أمْ لَكُم بَراءةٌ } بل ألكم براءة، أى لكفاركم براءة من العقاب على كفركم { في الزُّبُرْ } الكتب السماوية، واختار بعض أن هذا الخطاب للكفار بالذات، والأول للمؤمنين أو مع غيرهم،وفيه تلوين الخطاب، وهو خلاف الظاهر.