التفاسير

< >
عرض

مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ
٨
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُواْ عَبْدَنَا وَقَالُواْ مَجْنُونٌ وَٱزْدُجِرَ
٩
-القمر

تيسير التفسير

{ مُهْطعين } مسرعين أو مسرعين مادى أعناقهم، أو مسرعين مع هز ورهق ومد بصر، أو ناظرين الى السماء { إلى الدَّاعِ يقُول الكافرون } دون المؤمنين، فانه يوم سهل لهم، كذا قيل: وفيه أنه عسر عليهم أيضا، وكأنه أريد أن المشركين كلهم يعسر عليهم فى جميع مواطن الموقف، وأهل التوحيد قد يسهل على بعض مطلقا، ويعسر على بعض تارة، ويسهل أخرى، ويعسر على بعض مطلقا، وعلى كل حال صعوبته على المشركين أشد { هَذا يومٌ عَسِرٌ } شديد الهول، ومن الأنباء الجائية لهم، المشتملة على ما يوجب الازدجار قوله تعالى:
{ كذَّبتْ قَبلهُم قَوم نُوحٍ } أى كذبت نوحا أو لا مفعول له، أى فعلت التكذيب، وهذا أولى، لأنه قد ذكر فى قوله: { فكذبوا عَبدنا } ووجه صحة تقدير المفعول ما ذكره بعد، أنه زاد فى الثانى قوله: { وقالُوا مجْنونٌ وازدُجر } أو يراد التكرير، أى كذبوا نوحا فكذبوه كلما جاء قرن كذبوه، فعلى الأول يكون الكلام أولا مجملا، ثم فسر، ويجوز أن يقدر للأول مفعول به غير نوح، اى كذبت قوم نوح الرسل، فكذبوا عبدنا بسبب تكذيبهم الرسل مطلقا، أو المعنى ابتدءوا التكذيب وقصدوه وأتموه وحققوه، بتكذيب عبدنا نوح، وفى وصفه عليه السلام بالعبودية، واضافته الى الله تعالى بنون العظمة، تفخيم لشأنه، ومزيد تقبيح، لمن ينكر من شأنه ذلك، ويقول: هو مجنون وازدجر، عطف على مجنون كقوله تعالى:
{ { صافات ويقبضن } [الملك: 19] أى ازدجرته الجن، أى قهرته وذهبت بقلبه، فكان يقول بما تقول من الخطأ فقوله: { ازدجر } من كلام الكفرة، واختير أنه من كلام الله تعالى عطفا على قالوا، أى قالوا مجنون وقهروه عن التبلغ بأنواع الأذى، من الضرب وقول السوء، وازدجر يكون لازما كما مر فى وجه، ومتعديا كما هنا، واختير ما هنا للفاصلة، وليطهر الألسنة عن ذكرهم بفعلهم، وفعلهم أقبح من قولهم.