التفاسير

< >
عرض

سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ
٣١
-الرحمن

تيسير التفسير

{ سَنَفْرُغُ لكمْ أيُّها الثَّقَلاَنِ } هذه الآية أشد علىَّ كما شد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - { { فاستقم كما أُمرت } [هود: 112] وأهوال القيامة لأَنها جاءت على شكل من له مملوك أنعم عليه ولم يشكر، فقال سأَترك الأَشغال كلها وأُعاملك بما تستحق، والله عز وجل لا يشغله شئ عن شئ، لكن قضى الأَشياء مرتبة، ولكن كنى عن التوفر فى الانتقام بحيث لا شئ يعارضه عن تمام الانتقام، كمن ترك المَهامَّ إِلى مُهِمّ واحد وذلك استعارة تمثيلية ويجوز أن تكون مفردة بأَن استعمل سنفرغ فى أن نأَخذ فى جزائكم فقط، فتكون تبعية بأَن يشبه الأَخذ فى الجزاء فقط بالتفرغ إِلى الشئ وحده، ويشتق منه تفرغ بمعنى نأَخذ فيه وحده، وعندى لا استعارة أصلية فى مثل هذا كنطق الحال وإنما التبع فى التشبيه فقط لا فى استعارة متقدمة، والآية وعيد تهديد على المعصية للمجموع، ويصدق خارجا بمن أصر لا تهديد لمن أصر وحده. كما قيل لأَن الثقلين يعم اللهم إِلا أن يراد سنميز لكم بالجزاء العاصى من المطيع، وقيل معنى سنفرغ سنقصد كما نادى إِبليس فى بيعة العقبة الثانية أو الثالثة على أن العقبة ثلاث إِلا أن محمداً والصبا قد جمعوا لكم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هذا أزب العقبة لأَتفرغن لك يا خبيث" ، أى لأَقصدن إِبطال أمرك. وسمى الإِنس والجن ثقلين لشرف قدرهما مطلقا بنحو الرأى والصنائع بالنسبة إِلى الحيوان، بل إِذا كان المؤمن أفضل من الملائكة لمخالفته ما يهوى والصبر عليها، يكون الجنى المؤمن كذلك أفضل منهم لوجود العلة. قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنى تركت فيكم ثقلين كتاب الله تعالى وعترتي" ، أى شيئين عظيمين، وقيل سميا ثقلين لثقلهما بالتكليف، وقال الحسن لثقلهما بالذنوب وقيل لثقلهما على الأرض، وقيل هما على الأَرض كعدلى الدابة وغيرهما كالعلاوة، وحذف ألف أيها فى الخط تبعا للفظ إِثباتا لباب تبع الخط للفظ.