التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٣٢
يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ
٣٣
-الرحمن

تيسير التفسير

{ فَبِأَيِّ آلاءِ ربِّكُمَا } من النعم التى تضمنها الإِخبار باستقبال الفراغ لكم فإِنه زاجر عن المعاصى إِلى الطاعة الموجبة للنجاة والفوز بنعم الآخرة ونعم الدنيا التى تختص بالمؤمن، وإِن شئت فقل فى جميع السورة بأَى آلاءِ ربكم العامة التى منها كذا.
{ تُكَذِّبَانِ. يا مَعْشرَ الجِنِّ والإِنسِ } هما الثقلان لكن فصلهما لأَن من الإِنس من يدعى القوة ولشهرة الجن بالأَفعال الشاقة، ومع ذلك لا يقدر أحد منهما أن يفوت ما كتب عليه من العذاب، كما قال الله عز وجل: { إِنْ استطعْتُمْ أن تنفُذُوا } تخرجوا كما تنفذوا جسما وتخرج من ثقبه شيئا { مِنْ أقْطَار السَّماواتِ والأَرضِ } جوانبهما هاربين من قضائه { فَانفُذُوا } أمر تعجيز عن استطاعة النفوذ وزاد تقريرا بقوله عز وجل: { لاَ تَنْفُذونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } قوة قَاهرة ولا توجد لأَحد فأَنتم عاجزون عن النفوذ، ومن هذا الباب ما روى أن الملائكة تحدق بأَهل الموقف فأَينما هربوا وجدوا الملائكة تردهم. والآية فى أهل الموقف ولا سيما يوم القيامة، فالمراد: لا جهة تهربون إِليها أو من موضع أطرافها إِذ كانت أو توجد السماوات فى ذلك اليوم، وقيل الآية بمعنى أنه تنفتح السماء آخر الزمان فتنزل الملائكة تحدق بالإِنس والجن. وقيل إِن استطعتم الفرار من الموت ففروا، وقيل إِن استطعتم الفرار من القضاء، وقيل يحاط يوم القيامة بالملائكة ولسان من نار عليهم، فيقال إِن استطعتم أن تنفذوا إِلخ، وقيل إِن قدرتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأَرض لتعلموا ما فيهما فانفذوا ولا تقدرون على ذلك إِلا بأَفكاركم فقد تدركون بها بعضا، وذكر الأَقطار لأَنها بلا ثقب وقد عجزوا عن الطلوع إِلى السماء وثقبها.