التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦١
وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ
٦٢
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٣
مُدْهَآمَّتَانِ
٦٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٦٥
فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ
٦٦
-الرحمن

تيسير التفسير

{ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا } نعم مجازاة الإِحسان بالإِحسان. { تُكَذِّبَانِ. وَمِن دُونِهِمَا } فى الفضل { جَنَّتَانِ } أخريان، السابقتان أفضل منهما، السابقتان للسابقين وهاتان لأَصحاب اليمين عند الأَكثر وعن الحسن السابقتان للسابقين وهاتان للتابعين، وهو رواية عن أبى موسى الأَشعرى موقوفة، وروى عنه مرفوعاً السابقتان هما وآنيتهما من ذهب للمقربين، وهاتان من فضة وكذلك آنيتهما لأَصحاب اليمين والتابعين، وذكر بعض العلماء بلا سند أن السابقتين للخائفين وهاتان لذريتهم الذين ألحقوا بهم وفيه أن المناسب أن لا ينفرد الذرية عن آبائهم لأَنها أطفال تقر أعينهم بهم. وقال الطحاوى هاتان أفضل عن السابقتين لأَن الوصف بالإِدهام ووصف العينين بالنضخ وإِثبات الفاكهة والنخل والرمان والخيرات الحسان والحور المقصورات أفضل من الوصف بجريان العينين، وكون الفاكهة زوجين إِلى آخر صفات السابقتين العامة، فإِن تنوين فاكهة للعموم كقوله علمت وهو كقوله من كل فاكهة. وقال هما من ياقوت وزبرجد والياقوت والزبرجد أفضل من الذهب والفضة إِلا أنهما لم يذكرا فى الآية. ويدل لهذا القول حديث البخارى ومسلم عن أبى موسى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما" فأَخَّر اللتين من الذهب. فعرفنا أنهما اللتان المتأَخرتان فى الآية فمعنى من دونهما أمامهما ويبعد أن يقال فى قوله تعالى: { { كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ } } [الرحمن: 58] إِنه مقابل لمقصورات فى الخيام من حيث إن الياقوت والمرجان مما يصان ويحبس. { مُدْهَامَّتَانِ } نعت لجنتان، أى شديدتا الخضرة حتى كأَنهما سوداوان، والدهمة السواد وصيغة الإِفعيلال من الدهمة للمبالغة، فالإِدهيمام مصدر واسم الفاعل مدهام بشد الميم أصل المدغمة الكسر، وسأَل أبو أيوب الأَنصارى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله تعالى: { مُدْهَامَّتَانِ } فقال: خضراوان أى شديدتا الخضرة من الرى فهما من نبات كنبات الأَرض فى الدنيا ولا يبعد ذلك لكن يكون لطيفاً ليناً جداً، ويجوز أن يكون الشجر من الذهب ونحوه، جعله الله بحيث يثمر وينمو بالماء ويجوز أن يكون من ذهب ونحوه خلقه الله تعالى على صفة الشجر شديد الخضرة المثمر بلا سقى، وقيل الجنتان المدهامتان نبات ورياحين والسابقتان أشجار بأَفنان وثمار وظلال فهما أفضل وفيه إِنا لا نسلم أن الأخيرتين نبات ورياحين بل أشجار أيضاً مثمرة وظلال، فإِنه كما يوصف النبات بالخضرة الشديدة يوصف الشجر بها بل الشجر أولى بالوصف بها وهو أشد شهرة بها.
{ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا } نعم ادهام الجنتين { تُكَذِّبَانِ. فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ } فوارتان بالماء والنضخ دون الجرى على أن السابقتين أفضل كذا قيل، والظاهر أن الفوران الشديد بالماء أعظم من مطلق الجرى، فإِن الجرى قد يكون معه ضعف الماء، والفوران الشديد فيه جرى وزيادة قوة وحسن منظر بتناثره قطرات إِلى جوانب. وعن البراء بن عازب من رواية ابن أبى حاتم: العينان اللتان تجريان خير من اللتين تنضخان وكأَنه اعتبر أن الفوران يكون على ضعف شيئاً فشيئاً. وعن أنس نضاختان بالمسك والعنبر على دور الجنة كما ينضخ المطر على دور الدنيا. وعن مجاهد نضاختان بكل خير.