التفاسير

< >
عرض

فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٧٣
لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ
٧٤
فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ
٧٥
مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ
٧٦
-الرحمن

تيسير التفسير

{ فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا } من نعم الحور وقصرهن فى الخيام { تُكَذِّبَانِ. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } كما لم يطمثوهن فى الجنتين المذكورتين قبل { فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا } نعم انتفاء طمث الإِنس والجن لهن قبلهم { تُكَذِّبَانِ. مُتَّكِئِينَ } مثل ما مر { عَلَى رَفْرَفٍ } المفرد رفرفة ككلم وكلمة وهى ما يطرح على ظهر الفراش للنوم عليه عند على وابن عباس، مأَخوذ من رف إِذا ارتفع وقد فسره بعض بالفراش المرتفع، وقيل ما على ظهر الفراش متدلياً على الأَسرة من غالى الثياب وفسره بعض بالبساط وبعض بالثوب الرقيق من الديباج وبعض بالثوب الشبيه بالروضة، كما فسرها سعيد بن جبير برياض الجنة وكل ذلك على الإِطلاق، والمراد فى الآية الخضر كما قال الله عز وجل { خُضْرٍ } جمع خضراء لا أخضر لأَن المفرد رفرفة بالتأْنيث، وفى الصحاح الرفرف ثياب خضر تتخذ منه المحابس، وعليه فخضر فى الآية نعت كاشف كالتأْكيد { وَعَبْقَرِيٍّ } فراش نسب إِلى عبقر بلد للجن فى زعم العرب ينسبون إِليه كل شئ غريب عجيب من فراش وغيره، ونزلت الآية على ذلك ومن ذلك النسب ما قيل فى شأْن عمر رضى الله عنه لم أر عبقرياً يفرى فريه، وقائل ذلك هو الإِمام على بن أبى طالب، ويقال غيره وشاع لفظ عبقرى فى ألسن الناس بدون معرفة أنه نسب، فصار كأَنه اسم مختوم بياء مشددة لغير نسب كما شهر فى بختى وكرسى فلا يستشعر فيه ضمير كما يستشعر فى المنسوب الباقى على معنى النسب ولا يخفى أن المراد الجنس لا فراش واحد بدليل نعته بالجمع فى قوله: { حِسَانٍ } وقيل عبقرى اسم جمع أو جمع مفرده عبقرية، والمراد عند الجمهور الفرش التى هى الزرابى التى فى غاية الجودة وقيل الطنافس الرقاق وقيل الفرش المواشاة، وعن مجاهد عن ابن عباس الديباج الغليظ وعن الحسن البسط التى فيها صور، فلعل الوشى بالصور فى تفسير العبقرى بالفرش الموشاة، والمراد صور الشجر وغيره مما لا روح فيه أو ما فيه روح، لكن يصور بلا رأس وما لا روح فيه إِذ لا يمدح الله تعالى ما فيه صورة حيوان تام أو صورة رأس مع أنه قد حرمه وعطف العبقرى على الرفرف عطف خاص على عام على مذهب الحسن فى تفسيرهما، وفى البخارى ومسلم وغيرهما عن أبى موسى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "جنان الفردوس أربع: جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أو ينظروا إِلى ربهم إِلاَّ رداء الكبرياء وجهه في جنات عدن" والحديث نص فى منع رؤية البارئ عز وجل بالذات، فرؤيته مستحيلة وظاهر الحديث اشتراك الأَلوف فى الواحدة من هذه الجنان، ونقول النساء فى هؤلاء الآيات كلها من قاصرات الطرف إِلى هنا الآدميات والجنيات والحور المخلوقة فى الجنة فالآدميات أيضاً حور عين موصوفات بتلك الصفات وإِن فسرت الآيات بالمخلوقات فيها فالأَحاديث تلحق بهن غيرهن وتزيد عليهن، قالت أم سلمة يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ فهذا يدل على أن المراد بالحور من خلقن فى الجنة، فأَجابها - صلى الله عليه وسلم - مقراً لها على ذلك بقوله: "نساء الدنيا أفضل كفضل الظهارة على البطانة. قالت: وبم؟ قال: بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن ألبس الله وجوههن النور وأجسادهن الحرير، بيض الوجوه خضر الثياب صفر الحلي مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت أبداً، ألا ونحن الناعمات فلا نبأس أبداً، طوبى لمن كنا له وكان لنا ودخل بعبادتهن صوتهن عن ملاقاة الأجانب ما استطعن" .