التفاسير

< >
عرض

وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ
٤١
فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ
٤٢
وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ
٤٣
لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ
٤٤
-الواقعة

تيسير التفسير

{ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ. فِي سَمُومٍ } هو مثل قوله تعالى: وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين فى سدر. والسموم الريح الحارة المؤثرة تأَثير السم أو النار النافذة فى مسام البدن التى يخرج منها العرق. والتنوين للتعظيم وكذا فى قوله { وَحَمِيمٍ } أى ماءَ حار غاية الحرارة وفى قوله { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } بوزن يفعول من الحمة وهى قطعة من الفحم، والمراد الدخان الأَسود سمى باسم الفحم لشبهه به فى السواد، فهو اسم له وسمى ظلا تهكما بهم، ووجه الشبه أن الدخان فى الهواء على صورة الظل فى الأَرض أو سرادق من النار محيط بهم ويعلوهم كالظل، روايتان عن ابن عباس أو اسم لجهنم لأَنها سوداء لهبها أسود لا ضوء له، وكلها وكل ما فيها أسود أو جبل أسود فيها يفزعون إِليه فيجدونه أشد { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } لا ومدخولها اسم نعت لظل أى غير بارد غير كريم، نفى الله عز وجل أن يكون بارداً كسائر الظل وأن يكون كريماً أى نافعا بإِزالة الحر كذلك، فاستعار الكرم للنفع فاشتق منه على طريق التبعية لفظ كريم بمعنى نافع والتحقيق قيل إِن الاستعارة التبعية لم تتقدمها استعارة أصلية بل تقدمها قصد تشبيه فقط، وفى نفى البرد والكرم عن الظل الذى لهم إِشارة إِلى إِثباتها لأَعدائهم المؤْمنين وذلك زيادة فى غيظهم وتحسرهم، وقيل كريم مرضى فى برده وفيه أنه لا وجه لنفى كون برده مرضيا بعد نفى البرد البته من أصله. وأجيز أن يكون نفياً لكرامة من يستريح إِليه ونسب إِلى الظل مجازا كأَنه قيل ولا كريم أهله بل مهانون والطبيعة تقبل المجلس الردئ لكرامة تلحق به ولا تقبل المجلس الحسن مع إِهانة تلحق به، ويجوز أن يكون ذلك نعتاً ليحموم، فيفيد نفى الكرم عن اليحموم والبرد العام وعن الظل المخصوص منه، إِذ كان بعضه مع بقاء ما تقدم من نكتة نفى البرد والكرم عن الظل. أشار إِليه الإِمام أبو حيان ورد على تفسير قبل هذه السورة بمقدار لبغدادى يكثر فيه الرد على أبى حيان ولى همة فى الجواب عنه، لكن لى إِشغال.