التفاسير

< >
عرض

نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ
٦٠
عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦١
-الواقعة

تيسير التفسير

{ نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ } قضينا به بينكم أو جعلناه على قدر متخالف، بعض يموت صغيراً، وبعض متوسطاً، وبعض كبيراً، وبعض بقتل وبعض بمرض وبعض بغير ذلك، وفى أماكن وأوقات بحسب الحكمة فى ذلك كله، وقيل الخطاب لبنى آدم والملائكة، أى خالفنا بينكم وبينهم، هم يموتون يوم القيامة، وأنتم تموتون فى الدنيا، بعض بعد بعض، أو قدرنا بمعنى قضيناه، أى قضينا بين الملائكة وبين بنى آدم، ولكن تفسير الخطاب بما يشمل الملائكة لا يظهر.
{ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } مغلوبين { عَلَى أَن نُبَدِّلَ أمْثَالَكُمْ } نذهب صفاتكم، والمثل بمعنى الصفة، وأرادوا نذهبكم بمرة واحدة ونأْتى بأَشباهكم من الخلق، والسبق مستعار للغلبة استعارة تصريحية إِذ شبه فعل أحد ما لم يرد غيره فعله بالسبق إِلى مكان، لجامع المخالفة أو مجاز مرسل لعلاقة اللزوم، إِذ لزمت الغلبة على شئ من السبق إِليه، وقيل السبق بمعنى الغلبة حقيقة إِذا كان بعلى كما هنا { وَنُنشِئَكُمْ فِي ما لاَ تَعْلَمُونَ } من صور الخلق، وقال بعض ننشئكم فى حواصل طير سود كأَنها الخطاطيف تكون فى برهوت، وهو واد فى اليمن وقيل فى وقت لا يعلمونه ولا يعلمون كيفية الإِنشاء، كما علموا الإِنشاء الأَول من جهة التناسل وفى ذلك تحريض على الإِيمان والعمل قبل ذلك الوقت، وقدر بعضهم من صور الخلق والأَطوار التى لا تعهدونها، وقدر الحسن فيما لا تعلمونه واقعاً فيكم من الرد قردة وخنازير، واختار هذا لكون الآية تهديداً، وقيل ننشئكم فى البعث على غير صوركم فى الدنيا، وقيل لا يسبقنا أحد فيهرب من الموت أو يبدل وقته، والمراد تمثيل حال من سلم من الموت أو تبدل وقت موته، مثال من طلبه طالب ولم يدركه وقوله على أن نبدل حال من المستتر فى مسبوقين أى قادرين أو عازمين على تبديل أمثالكم وقيل متعلق بقدرنا وعلة له.