التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ
٦٢
أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ
٦٣
ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ
٦٤
-الواقعة

تيسير التفسير

{ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى } من نطفة ثم علقة ثم مضغة الخ وقيل: نميت طائفة ونخلق أُخرى، وقيل فطرة آدم عليه السلام من التراب ولا ينكرها أحد فيما قيل.
{ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } إِن من قدر على ذلك قادر على إِحياء الموتى أبدلت التاء ذالا وأدغمت فى الذال والآية دليل لإِثبات القياس وكذلك أمثالها فى القرآن ولا سيما مع ذكر التذكر، كما هنا إِذا قدر على الصعب فأَولى أن يقدر على السهل، وهذا البادى الرأى وأما عند الله، فالأَشياء عند الله تعالى سواء، ومن قال إِن بعض الأَشياء أسهل من بعض على الله عز وجل فقد أشرك لأَنه نسبه إِلى العجز { أَفَرَأَيْتُم } أتذكرتم فرأيتم { مَّا تَحْرُثُونَ } ما تلقون فى الأَرض من البذور { أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ } تنبتونه وتنمونه وتثمرونه { أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ }
قال أبو هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"لا يقولن أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت" ، ثم قال أبو هريرة ألم تعلموا أن الله تعالى يقول أفرأيتم ما تحرثون الآية. رواه الطبرى وغيره ويستحب للزارع أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقرأ الآية ويقول الله تعالى الزارع والمنبت والمبلغ، اللهم صل على سيدنا محمد وارزقنا ثمره وجنبنا ضرره واجعلنا لأَنعمك من الشاكرين.
قاله الطبرى بلفظه وقد ظفرت بنسخة من تفسيره بخط اليد المشرقى، وفيه دليل على أن النهى فى الحديث عن أن يسمى غير الله زارعاً ليس تحريما لمن عرف المراد الشرعى وقد استعمل هذا الدعاء لدفع آفات الزرع كلها وإِنتاجه فانتفع به، ولا يقال لما فى القرآن والحديث جربته أو جربه أحد أو هو ذلك، ذكر الله عز وجل المأكول أولا لأَنه الغداء وأتبعه المشروب لأَن به الاستمرار والانهضام وبه يدخل العروق، كما قيل إِن الماء مركب للطعام ثم ذكر النار لأَن بها إِصلاح الطعام وذكر من الطعام الحب لأَنه الأَصل العام وهو قبل التمر ومن المشروب الماء لأَنه الأَصل ولا يغنى عنه سائر المشروب والماء تبع للطعام وذكر النار لأَن بها إصلاح أكثر الأَغذية.