التفاسير

< >
عرض

سَابِقُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢١
مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِيۤ أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
٢٢
لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
٢٣
ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ
٢٤
لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ
٢٥
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٢٦
ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
٢٧
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢٨
-الحديد

تيسير التفسير

{ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ } عظيمة { مِن رَّبِّكُمْ } إِلى موجبات المغفرة وهى أنواع العبادات وترك المعاصى، أى ليجتهد كل واحد منكم أن يكون أكثر عبادة من غيره وأشد إِخلاصاً بلا حسد ولا منافسة وذلك أن يكون أول داخل وآخر خارج، وأول صف فى القتال، وأن لا تفوته تكبيرة الإِحرام مع الإِمام، وأول من يصلى أول الوقت إِذا صلى وحده وأول راجع إِلى الصلح إِذا فاتن أحدا، وأول عاف إِذا أمكن العفو من الجانبين، وأن يزكى أول الوقت ولا يؤخر زكاة أو حجاً أو غيره مما لزمه وهكذا والكلام استعارة تمثيلية فى أمر المتسابقين على الخيل على شئ يؤخذ، أو مجاز مرسل تعبير بالملزوم عن اللازم يلزم من الأَعمال الفوز بالجنة، وقيل سابقوا الموت بالعمل قبل مجيئه. ويقال سابقوا إِبليس وأعوانه عن أن يصدكم عن الأَعمال. وفى قوله من ربكم تعظيم للمغفرة { وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ } السماوات السبع { وَالأَرْضِ } الأَرضين السبع متصلات مبسوطات كرقة الورقة، ولو أن الجنة مسحت بماء البحور كلها لم تعمها، وإِذا كان العرض كذلك فكيف الطول أو ذلك تمثيل بما يعرف الناس أو العرض البسطة والوسعة كقوله تعالى { { فذو دعاء عريض } [فصلت: 51] وقدم المغفرة لأَنها سبب الجنة ومتقدمة فى الوجود على دخول الجنة، ولأَنها تخلية والجنة تحلية. { أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ } إِيمانا مستتبعاً للأَعمال الصالحة وترك الإِصرار والأَطفال والمجانين قبل البلوغ يدخلونها بلا عمل، وكذا من مات قبل أن يلزمه عمل من وحد والتوحيد عمل والآية والأَحاديث تدل أن الجنة والنار موجودتان الآن وهو الصحيح { ذَلِكَ } الموعود من المغفرة والجنة { فَضْلُ اللهِ } عطاؤه غير الواجب ولا واجب عليه تعالى { يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ } أن يؤتيه إِياه { واللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } فى الجملة وعموما فلا يبعد عنه التفضل بالمغفرة والجنة للتائب وهذا تذييل لما قبله.
{ مَا أصابَ } إِنسيا أو جنيا أو حيوانا { مِن مُّصِيبَةٍ } فاعل أصاب ومن صلة وأصل المصيبة فى اللغة أن تكون فى الخير والشر ثم خص فى اللغة أيضاً بالشر وهو عرف لها ولغيرها وأصاب يستعمل فيهما. قال الله تعالى:
{ { ولئن أصابكم فضل من الله } [النساء: 73]. وما قيل من أن مصيبة للشر لأَنه مأْخوذ من أصاب السهم الرمية، وأصاب إِذا كان فى الخير يعتبر بالصوب أى المطر لا عبرة به بل الإِصابة بمعنى ملاقاة الشئ أصل مطلقا. وقد قيل المصيبة هنا تعم الخير والشر ويدل له قوله: لئلا تأسوا. وقوله: ولا تفرحوا. وذكر الفعل لأَن الفاعل ظاهر مجازى التأْنيث والأَصل فيه التأْنيث كما هو ظاهر، وكما نص عليه السعد وللفصل { فِي الأَرْضِ } كقحط وعاهة زرع وثمار وعدم الثمار وقلتها وزلزلة وغير ذلك { وَلاَ فِي أَنْفُسِكُمْ } كمرض وجرح وكسر وحزن وقدر بعض: وما أتت من نعمة لقوله تعالى: ولا تفرحوا بما آتاكم فيكون ذلك من باب الاكتفاء كقوله تعالى: " { سرابيل تقيكم الحر } "[النحل: 81]، أى والبرد { إِلاَّ في كِتَابٍ } وهو كون عام كثابتة أو مكتوبة وهو كون خاص والكتاب هو اللوح المحفوظ، أو علم الله تعالى فيقدر ثابتة لا مثبتة ولا مكتوبة.
{ مِن قبْلِ أَن نَّبْرَأهَا } من قبل أن يخلق المصيبة والضمير لها لأَن الكلام عليها بالذات وذكر الأَرض والأَنفس بالتبع لها لبيان المحل وعن ابن عباس الضمير للأَنفس وقيل للأَرض وقيل للأَرض والأَنفس والمصيبة، وقيل عائد للمخلوقات وإِن لم يجر لها ذكر، وهو بعيد فى التفسير. ولو كان المعنى حقا وفى الأَرض متعلق بمحذوف مرفوع نعت لمصيبة تبعا للمحل أو مجرور تبعا للفظ أو متعلق بأَصاب أو بمصيبة وذكر الأَرض والأَنفس لأَنهما المشاهدان عندنا ولأَن أهل السماوات لا مصيبة لهم سوى الموت أو ما شذ كعتاب ملك أو إِسقاطه عن رتبته، ولم يطلق الحوادث لأَنها لا تتناهى واللوح المحفوظ متناه لا يسعها وإِذا فسرنا الكتاب بعلم الله تعالى فالتقييد بالأَرض والأَنفس لمشاهدتهما ولقلة المصيبة فى أهل السماء، وعلمه تعالى محيط بما لا يتناهى.
{ إِنَّ ذَلِكَ } الإِثبات لها فى الكتاب المحفوظ أو ثبوتها فى علم الله تعالى { عَلَى اللهِ } لا على غيره قدم للحصر وللفاصلة. { يَسِيرٌ } لأَنَّ أفعاله بلا علاج ولا آلة فى الإِثبات فى اللوح المحفوظ، وإِذا فسرنا الكتاب بعلم الله، فمعنى يُسْرِ ذلك أن ثبوته ذاتى لا فعل له ولا حدوث، وذكر هشام بن الحكم لعنه الله ولعن أتباعه أنه تعالى لا يعلم الشئ حتى يخلقه، وذلك فى المعنى شرك لأَنه وصف الله بالجهل - تعالى عنه علوا كبيرا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
"سيفتح على أُمتي باب من القدر آخر الزمان لا يسده شيء يكفيكم منه أن تلقوه بهذه الآية: وما أصاب من مصيبة.." الآية. وروى أن رجلين دخلا على عائشة رضى الله عنها فقالا: إن أبا هريرة يحدث أن نبى الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول إِنما الطيرة فى المرأة والدابة والدار فقالت: والذى أنزل القرآن على أبى القاسم - صلى الله عليه وسلم - ما هكذا كان يقول ولكن كان رسول الله يقول كان أهل الجاهلية يقولون إِنما الطيرة فى المرأة والدابة والدار وقرأت الآية: { لِكَيْلاَ تَأْسَوا } لكيلا تحزنوا متعلق بمحذوف أى أخبرناكم بذلك لكيلا تأسوا { عَلَى مَا فَاتَكُمْ } من نعيم الدنيا { وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ } منها لأَن من علم أن الموجود من خير أو شر بقضاء وقدر لا يتخلف لا يعظم جزعه بفوت ولا فرحة بإِتيان، ومن علم أن ما بيده ولو دام سيفقده بالموت أو أنه عارية لا يحزن بفوته ومن علم أن الله يرزقه لم يعظم عنده الفرح عند وجوده، وذكر الخير والفرح هنا مع أن المتقدم الإِصابة بالسوء فقط لأَنه لا قائل بالفرق بين الخير والشر ولو عند الكفار فى أنهما من الله عز وجل، فلا حاجة إِلى تقدير بعض بعد قوله تعالى: ولا فى أنفسكم وما أتت من نعمة، ولا سيما إِذا قيل المصيبة تشمل النعمة فأَولى أن لا تقدير وأسند فات إِلى ضمير ما لأَن الفوت والعدم ذاتى للمخلوقات فلو لم يبقها الله تعالى لفنيت وعدمت بخلاف بقائها فغير ذاتى بل بإِبقاء موجدها تعالى، فأَسند الإِيتاء إِلى الله عز وجل ولم يقل بما آتاكم بهمزة بلا مد كما قرأ أبو عمرو بن العلاء فيكون الإِسناد فى الموضعين إِلى ضمير ما، و (لا) فى الموضعين نافية، والمراد الزجر عن حزن يؤدى إِلى عدم الرضا بقضاء الله تعالى أو غالب مفوت للعبادة أو موصل إِلى الشكوى، اللهم إِلا لأَخ أو لضرورة والزجر عن فرح بطر والهاء عن الطاعة وأما الحزن الطبيعى وما لا يخلو منه إِنسان فلا بأس وكذا الفرح والمسلم يشكر على النعمة ويصبر على المصيبة فيثاب وقد يفرح بالمصيبة.
قال ابن عباس رضى الله عنهما فى الآية لا أحد إِلا يفرح ويحزن لكن من أصابته مصيبة فليجعلها صبرا ومن أصابه خير فليجعله شكرا، وعن جعفر بن محمد الصادق من آل البيت: يا ابن آدم مالك تأسف على مفقود لا يرده إِليك الفوت ومالك تفرح بموجود لا يتركه فى يديك الموت. { وَاللهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } هذه كلية عامة السلب ولو تقدم السلب على كل كما كثر فى القرآن، والغالب فى مثل ذلك سلب العموم والمعنى هنا لا يحب هذا ولا هذا، وهكذا حتى يفرغوا وهذا تذييل لقوله تعالى: { ولا تفرحوا بما آتاكم } مشيرا إِلى أن الفرح المذموم هو المؤدى إِلى الاختيال والفخر والفجر المباهاة فى الأَشياء الخارجة عن ذات الإِنسان كالمال والجاه، والاختيال التكبر لفضيلة فى ذاته وقيل الاختيال فى الفعل والفخر فيه وفى غيره، وحب الله الشئ هو لازم الحب وهو النفع بالإِثابة وبغضه الانتقام اللازم للبغض وقومنا يثبتون الحب والبغض لله تعالى بلا تأويل ويقولون بلا كيف { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ } بدل من كل أو من مختال فخور لا نعت لأَحدهما، لأَنهما نكرتان والذين معرفة أو يقدر هم الذين أو الذين يبخلون لا ينفقون، والله غنى عن الإِنفاق أو منصوب على الذم والتحذير. { وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ } يقولون بلسان الحال لا تنفقوا فتبقوا أنتم وأولادكم فقراء أو لا تنفقوا على الأَجانب ويقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله والمختال بالمال يبخل به غالبا بالبخل كأَنه ناصح لمأموره أو يقولون بلسان الحال إِذ حالهم البخل فيتبعهم غيرهم فيه فهم قدوة فيه كأَنهم يأمرون به والمراد بالبخل الإِمساك عن الإِنفاق لا البخل بالطبع لأَنه لا يؤمر به، إِذ ليس بكسب. والآية متعلقة بما قبلها كما رأيت وقيل مستأنفة فى صفة اليهود الذين كتموا صفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبخلوا ببيانها { وَمَن يَتَوَلَّ } يعرض عن الإِنفاق، الجواب محذوف أى لم يضره توليه أو فهو مستغن ثابت عنه علته فى قوله عز وجل { فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } أى لأَن الله هو الغنى عن إِنفاقهم أو عن إِنفاق كل أحد أو عن كل شئ فيدخل أولا وبالذات ولا يقدر، فهو مذموم أو فهو معذب لأَن ذمهم وتعذيبهم لا يعللان بغنى الله وحمده.
{ لَقَدْ أرْسَلْنَا رُسُلَنَا } كآدم ونوح وهود وصالح وإِبراهيم { بِالْبَيِّنَاتِ } الحجج ومن لم ينزل عليه فقد أنزل على رسول قبله وأمر باتباعه والجرى عليه واتباع الكتاب مصاحبته له فالكتاب مصاحب لمن أنزل عليه ومن اتبعه، ويجوز أن يراد بالرسل هنا الرسل الذين أنزل عليهم الكتب لا مطلق الرسل، بل يترجح هذا وعلى كل حال يتعلق مع بأَنزلنا بمعنى أثبتنا أو بمحذوف حال من الكتاب والميزان بقى أن الكتاب ليس متصفا بالمعية حال الإِنزال بل بعده فنقول الحال مقدرة أو ينزل شدة القرب منزلة المقارنة { وَالْمِيزَانَ } معنى إِنزاله الأَمر بتجويده والعمل به وهو شامل للمكيال أو يقدر بالعطف أى والميزان والمكيال وهما مفعال للآلة وياء ميزان عن واو.
{ لِيَقُومَ } متعلق بأَنزل { النَّاسُ بِالْقِسْطِ } بالعدل فى أُمورهم الدينية والدنيوية. { وَأنْزَلْنَا الْحَدِيدَ } أثبتناه فى اللوح المحفوظ وإِثبات الشئ فى اللوح ملزوم لإِنزاله وسبب له فذلك تعبير باللازم والمسبب عن الملزوم والسبب وفسره الحسن بخلقناه تفسيرا باللازم والمسبب وأنت خبير بأَن اللزوم بيانى، وقال قطرب أنعمنا به عليكم من نزل الضيف { فِيهِ بَأْسٌ } عذاب { شَدِيدٌ } لأَن آلات الحرب تتخذ منه والكتاب والميزان يقومان بالسيف وهو من الحديد وكذا السهام وسنان الرمح وشيم النفوس السبعة والظلم فتقهر بالسيف ونحوه والقيام بالقسط يحتاج إِلى السيف { وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } مصالحهم ولا صنعة إِلا بالحديد أو ما يعمل بالحديد وقيل الرسل الملائكة أنزلوا بالوحى والمعجزات وأن جبريل نزل بالميزان على نوح عليه السلام وقال مر قومك يزنوا به، وقيل الميزان العدل. وعن ابن عباس نزل على آدم الميقعة والسندان والكلبتان وقيل الأَربعة والمطرقة وعن ابن عمر عنه - صلى الله عليه وسلم -:
"إِن الله عز وجل أنزل أربع بركات من السماء إِلى الأَرض: الحديد والنار والماء والملح" ، وقيل أنزلنا أنشأنا مثل إِخراج الحديد من المعادن وشملت الآية الفأس والسلاح وقيل المر والمسحاة والسندان والكلبتان والإِبرة والمطرقة والميقعة وهى المسن وقيل ما تحدد به الرحاء. وعن ابن عباس نزل آدم بآلة الصنائع. { وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ } عطف على محذوف والمحذوف متعلق بأَنزل أى أنزلنا الحديد لينفع الناس وليعلم الله وجملة فيه بأس إِلخ. معترضة أو حال أو يقدر وأنزله ليعلم الله أو يقدر مؤخرا أى وليعلم الله من ينصره ورسله أنزله ويجوز تقدير أنزلناه وتقدير أنزله الله وعلم الله أزلى، والمراد بالعلم هنا مسببه ولازمه وهو الجزاء { بِالْغَيْبِ } حال من المستتر فى ينصر أو من الهاء فى ينصره أو من رسله والمعنى غائبا عنهم لا يرونه أو الرسل غائبون عن النصر، والنصر يكون باستعمال آلات الحديد بالقتال وغيبة الرسل أن لا يدرك الناصر رسولا أو يدركه ولا يلتقى معه { إِنَّ اللهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ } لا يحتاج إِلى نصر ناصر وإِنما أمرهم بالقتال تكليفا لهم ليجازيهم بالخير على الامتثال وبالعقاب على المخالفة.
{ وَلَقَدْ أرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ } بعض تفصيل لقوله عز وجل: لقد أرسلنا رسلنا. وكرر القسم للتأكيد أى وبالله لقد أرسلنا والباء القسمية تكون فى غير الاستعطاف كما هنا وتكون فى الاستعطاف نحو بك لأَتوبن وسائر حروف القسم تكون فى غيره ويجوز تقدير الواو هنا ولو تجتمع واوانِ، لأَن فى اللفظ واو واحدة هى واو العطف ولا يخفى أن الباء أولى للسلامة من اجتماع الواوين { وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ } جعلنا النبوة وأكثر الأَنبياء من ذرية ابراهيم لكنه ابن نوح فهم راجعون إِلى نوح { وَالْكِتَابَ } كصحف إِبراهيم وموسى والتوراة والإِنجيل والزبور وقد قيل غير ذلك أيضا. وعن ابن عباس الكتاب الخط بالقلم { فَمِنْهُمْ } من الذرية وقيل من الأُمم المدلول عليها بذكر الرسل والإِرسال { مُّهْتَدٍ } إِلى التوحيد وحكم الشرع { وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ } لم يقل ضالون كما هو المطابق لمهتد لأَن المقام لذمهم وذمهم بالفسق وهو الخروج عن الدين بالإِشراك أو الكبائر بعد التمكن منه أعظم من ذمهم على الضلال عن الطريق وللإِشعار بغلبة أهل الضلال على غيرهم فهم أكثر من الفاسقين بالمعنى الذى هو أقبح من الضلال. وفى قوله: منهم مهتد دلالة على قلة فهؤلاء ثلاثة: مهتد ومبالغ فى الكفر وكافر.
{ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ } أرسلنا بعدهم كجعل الشئ خلف قفا غيره والهاء لنوح وإِبراهيم وقومهما، وقيل لمن عاصرهما من الرسل ويبحث بأَنا لا نعرف رسولا على عهد نوح عليه السلام، ولو كان على عهده رسول، فإِما أن يرسل إِلى قوم نوح كهارون مع موسى أو إِلى غيرهم كلوط مع إِبراهيم وشعيب مع موسى إِلا أن شعيبا سبق موسى فى النبوة ولا يخفى أنه لم يرسل أحد مع نوح وأنه لا قوم على عهد نوح غير قومه وأُجيب بما يذكر فى الأَخبار أن نوحا لم يرسل إِلى غير قومه المخصوصين، وأن الغرق لم يعم الأَرض وأن الكافرين الذين دعا عليهم هم قومه المخصوصون ولكن ليس هذا مشهورا مصححا وأيضا يحتاج إِلى حجة فى إِثبات رسول أو رسل معه، وأُجيب أيضا بأَن ذلك توجيه لضمير الجمع وكون لوط مع إِبراهيم مثلاً كاف فيه، وقيل الهاء للذرية ويبحث بأَن الرسل المقفى بهم من الذرية فلو عاد الضمير عليهم لزم أنهم غيرهم أو اتحاد المقفى والمقفى به وأُجيب بأَن المراد بالذرية أوائلهم فلا يلزم أنهم غيرهم ولا الاتحاد المذكور، ورد بأَن هذا خلاف الظاهر بلا دليل يدل عليه. { وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ } على آثار هؤلاء الرسل رسول ثم رسول إِلى عيسى عليهم السلام { وَآتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ } بإِيحائه إِليه مرة واحدة على لسان جبريل كتبه إِسرافيل لجبريل من اللوح المحفوظ بإِذن الله وحرفه النصارى بالنقص والزيادة والتبديل ومما زادوه وافتروه قصة صلبه كما هو موجود { وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً } رحمة شديدة { وَرَحْمَةً } مطلقة كما قال الله جل وعلا فى شأن الصحابة رحماء بينهم فيكون ذلك ذكرا للخاص قبل العام وحكمته شدة الاعتناء بالمدح والتعظيم وكذلك إِذا فسرت برحمة مشتملة على دفع الشر وإِصلاح الفساد وفسرت الرحمة بما فيه جلب الخير مطلقا يكون ذكرا للخاص قبل العام وهذا راجع إِلى أن الرأفة الرحمة الشديدة، وعبارة بعض أن الرأفة إِذا ذكرت مع الرحمة فإِنها ما فيه دفع الشر وإِصلاح الفساد، والرحمة جلب الخير فتقدم الرأفة على الرحمة لأَنها تخلية وهى قبل التحلية ودفع المفاسد أشد من جلب المصالح.
{ وَرَهْبَانِيَّةً } نسب إِلى رهبان بفتح هائها. ورهبان مفرد بوزن عطشان من الرهبة وهو وصف والرهبة الخوف الشديد أو هى المبالغة فى العبادة بالرياضة والانقطاع من الناس، وذلك خلق من الله عز وجل ولهم فيها اختيار كما سمعت وكما يخلق الله الأَفعال الطبعية يخلق الاختيارية ولا خالق سواه والعطف على رأفة. { ابْتَدَعُوهَا } نعت رأفة على حذف مضاف أى وحب رهبانية مبتدعة أو بلا تقدير مضاف لأَن مبدأ فعلها من القلب فهى فى القلب بجعل الله تعالى وهم ابتدعوا آثارها وأعمالها وحذف المضاف كما رأيت أو هاء عائد إِلى الرهبانية بمعنى آخر هو تلك الأَفعال من رفض الدنيا وترك اللذات وترك اللباس اللين وترك التزوج ومن سائر ما يشق بطريق الاستخدام أو رهبانية منصوب على الاشتغال لجواز أن يرفع على الابتداء فى العربية لوجود المسوغ للابتداء بالنكرة وهو التعظيم فإِن التنوين والتنكير فيه للتعظيم كقولهم شرا هو ذا ناب ولأَن النسب كالوصف تقول قريشى جاء كأَنك تقول جاء رجل من قريش جاء وكأَنه قيل خصلة منسوبة إِلى رهبان وقال بعض إِنه يجوز النصب على الاشتغال ولو لما لا يصلح الابتداء به كما أجاز بعضهم جعل اسم كان أو إن أو المفعول الأَول من باب ظن أو الثانى من باب اعلم مما لا يصلح للابتداء لعدم المسوغ والمشهور غير ذلك، وقيل انقطع الكلام عند قوله تعالى ورحمة { مَا كَتَبْنَاهَا } ما فرضناها { عَلَيْهِمْ } الجملة نعت ثان أو حال من مفعول ابتدع أو مستأنفة { إِلاَّ ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللهِ } أى رضاه والاستثناء منقطع أى فرضوها على أنفسهم ولم نفرضها عليهم ويجوز أن يكون متصلا أى ما وفقناهم إِليها وقضينا بها لشئ ما من الأَشياء إِلا ليبتغوا بها رضوان الله فمعنى نفى الكتابة نفى تيسيرها لهم بعد ما طلبوها فلا منافاة بين ابتداعهم ونفى الكتابة وإن قلنا أمرهم الله بها بعد ابتداعهم لم تحصل منافاة أيضا وكذا إن قلنا معنى ابتدعوها أنهم أول من فعلها بعد الأَمر بها { فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } ما أعطوها ما تستحق من المحافظة كمن نذر أمراً عظيماً ولم يف به لِلَّهِ عز وجل. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم" ، فإِن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم وهذا الحديث يدل على أن معنى ما كتبناها ما فرضناها عليهم رأسا ولكن ألزموها أنفسهم فلا منافاة بين ابتدعوها وما كتبناها حيث أن ابتدعوها يقتضى أنهم لم يؤمروا وما كتبناها يقتضى أنهم أمروا بها لابتغاء رضوان الله، يبقى أن مبتغى الرضوان هم المبتدعون لها والكاتب الله فيختلف فاعل المفعول من أجله وفاعل عامله فقيل بالجواز والمشهور المنع وعليه فنقول الابتغاء على هذا الوجه فعل الله أى ابتغى الله لهم الرضوان فى أمره بها، والذين لم يراعوها هم المبتدعون لها والمراد ما رعوها كلهم بل بعضهم رعاها وبعض لم يراعها فهم قسمان كما قال الله جل وعلا: { فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا } حق الإِيمان وراعوها أو اقتصروا على بعضها أو على الواجب ولم يفسقوا { مِنْهُمْ أجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ } ارتدوا أو فعلوا الكبائر وأكلوا الخنزير وشربوا الخمر وتركوا الوضوء وغسل الجنابة والختان وكل ذلك قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويجوز أن يراد بالذين ابتدعوها مبتدعوها أولا ومن اتبعهم عليها إِلى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن اتبع بدعة من قبله صح أنه ابتدعها فآتينا الذين آمنوا وأخلصوا قبله - صلى الله عليه وسلم - أو على عهده فآمنوا به وتركوها فيكون الإِسناد إِلى المجموع كقولك أكرم بنو تميم فلانا وإِنما أكرمه بعضهم، وقال الضحاك الذين لم يراعوها الأَخلاف وهو خلاف الظاهر فإِما أن يكون استخداما بأَن رد الضمير للذين ابتدعوها ويراد به الأَخلاف وإِما أن يكون استخداما بأَن رد الضمير للذين ابتدعوها ويراد به الأَخلاف وإِما أن يكون الحكم على المجموع والمراد الأَخلاف ومن آمن به صلى الله عليه وسلم - على عهده ودام عليها بعد نهيه صلى الله عليه وسلم عنها فهو كافر، ومن لم يؤمن به فكافر لم يراعها كما فسر الزجاج وغيره الكثير الفاسقين بمن أدركه ولم يؤمن به والظاهر أن المقصود هنا ليس الإِيمان به - صلى الله عليه وسلم - ومن عدم مراعاتهم قولهم بالتثليث والصليب وتحريف التوراة والإِنجيل والقول بالإِلحاد والسفه والرشوة وغير ذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فرقة قاتلت الملوك على دين الله عز وجل وهو دين عيسى عليه السلام وفرقة لم يقدروا على القتال فأَمروا ونهوا فقتلتهم الملوك، وفرقة لم تقدر على ذلك فابتدعوا رهبانية وساحوا في الجبال وهم الذين قال الله تعالى فيهم: ورهبانية.. الآية فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم الذين آمنوا بي وصدقونى وكثير منهم فاسقون الذين كفروا بي" وهذا يقوى قول الزجاج المتقدم، وعن ابن مسعود رضى الله عنه، عنه - صلى الله عليه وسلم - "أن لكل أُمة رهبانية، ورهبانية أُمتي الجهاد في سبيل الله" وكذا روى عن أنس والبدعة واجبة وهى تعلم علم الكلام للرد على المشركين وأهل البدع، ومندوب إِليها كتأليف العلم وبناء المدارس ومباحة كالتبسط فى أنواع الأكل واللباس ومكروهة ومحرمة فحديث كل بدعة ضلالة عام مخصوص، وقد قال عمر رضى الله عنه فى كيفية صلاة التراويح نعمت البدعة وعن ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم: "افترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة نجا منها ثلاث، فرقة قاتلت الملوك على دين عيسى ولم يحرفوه، فقتلهم الملوك وفرقة خافوا ولا طاقة لهم فهربوا وترهبوا ولم يحرفوا، وطائفة أدركوني وآمنوا بي" . وعنه - صلى الله عليه وسلم -: "ظهر الجبابرة بعد عيسى عليه السلام فهزموا أهل الإِيمان في ثلاث حروب فتفرق الباقون وهم قليل في الغيران والجبال ينتظرون النبي الذي وعدهم به عيسى فمنهم من فسق ومنهم من آمن بي حين أدركني" . وعن ابن مسعود رضى الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أن ملكا جمع من بقي على دين عيسى وقال إِما أن تتبعونا على ما حرفنا أو نقتلكم. فقالت طائفة: ابنوا لنا محلاً ترفعون إِلينا فيه قوتنا ولا نخالطكم، وقالت طائفة: أسكنونا في الفيافي نحفر الأَبيار ونحرث، وقالت طائفة: دعونا نسيح في الأَرض وجاء مَنْ بعدهم جاهلين فاتبعوهم في ذلك الاعتزال وخالفوا دينهم" { يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } من أُمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بالله ورسوله وما أنزل عليه { اتَّقُوا اللهَ } احذروا المعاصى أو دوموا على ما أنتم عليه من تركها { وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ } محمد - صلى الله عليه وسلم -، أى دوموا على الإِيمان به { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } نصيبين وقيل ضعفين وقيل الكل الحظ الذى فيه الكفاية كالمتكفل لصاحبه بمقصوده والقول بأَن كفلين بمعنى ضعفين لغة الحبشة خطأ، والمراد أجر على الإِيمان بما آمنتم به من الكتب السابقة والأَنبياء وأجر على الإِيمان بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وما أُنزل عليه والأَجران فى الآخرة وقيل هما قوله تعالى: { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة } [البقرة: 201]. روى عن ابن عباس أنه أتى أربعون رجلا من نصارى الحبشة مؤمنين وشهدوا أُحدا مع النبى - صلى الله عليه وسلم - فرأوا احتياج المسلمين بها فأَنزل الله تعالى: { { الذين آتيناهم الكتاب } [القصص: 52] إِلى قوله تعالى: { { أُولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا } [القصص: 54] فقالوا يا معشر المؤمنين من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر واحد كأَجر أحدكم فنزل قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله.. } الخ. ردا عليهم وجعل للمؤمنين أجرين وزاد لهم النور كما أن لمن آمن به - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب أجرين، وقوله: من لم يؤمن بكتابكم فله أجر باطل، وقيل لما نزلت الأُولى افتخر بها من لم يؤمن من أهل الكتاب فنزل خطابا لهم ردا عليهم قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا } إِلخ، أى يا أيها الذين اتصفوا بالإِيمان اتقوا الله وآمنوا برسوله الذى كفرتم به وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - يؤتكم كفلين من رحمته كفلا على إيمانكم به، وكفلا على إِيمانكم برسلكم، روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من كانت له أمة علمها فأَحسن تعليمها وأدبها فأَحسن تأديبها وأعتقها وتزوجها فله أجران، وأيما رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وآمن بي فله أجران، وأيما مملوك أدى حق الله تعالى وحق مواليه فله أجران" وإِثابة من آمن من اليهود والنصارى على إيمانهم به ألم ينسخ من مللهم وبأَنبيائهم وبما نسخ لأَنه من الله تعالى، ولهم أجر على ذلك وأجر بالإِيمان به - صلى الله عليه وسلم-. { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ } يوم القيامة وهو فى قوله تعالى: { { يسعى نورهم بين أيديهم.. } [الحديد: 12] الخ { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ذنوبكم { وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } عظيم الغفران والرحمة فلا يدع فى إِيتائه الكفلين وإِثبات النور والمغفرة لهم.