التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
١٨
-الحشر

تيسير التفسير

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ } احذروا عقابه على مخالفته { وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ } المراد الجنس مع الإِثبات والتجريد من (ال) والإِضافة، وهو فصيح وارد فى كلام العرب كقوله تعالى: { { علمت نفس ما أَحضرت } [التكوير: 14] وحكمة الإِفراد فى الآية التلويح بقلة النفوس الناظرات فى أمر دينها وآخرتها وبإِعظام شأنهن وتعبير الناس بالغفلة عن النظر حتى كأَنه نظرة واحدة فقط.
قال - صلى الله عليه وسلم -:
"الناس كإِبل مائة لا تجد فيها راحلة" ، أو علمت كل نفس ما أُحضرت فالاستغراق مأخوذ من المحذوف. { مَّا قَدَّمَتْ } من الأَعمال أصالحة أم طالحة أكثير خيرها أم قليل أمخلص أم مكدر. { لِغَدٍ } يوم القيامة استعارة تحقيقية أصلية شبه يوم القيامة بغد الليلة وهو غد الأَمس للقرب عند الله عز وجل وكل آت قريب وإِنما قدم "عز" على "جل" لقوله تعالى: وعزتى وجلالى والدنيا كيوم واحد والآخرة غده أو كليلة والآخرة صبحها، قيل أو الغد يوم الموت وعمر الإِنسان كأَمسه أو ليلته والأَول هو الأَكثر ورودا واعتبارا وتنكيره للتعظيم. { وَاتَّقُوا اللهَ } تأكيد للأَول على أنهما عامان فى الخير والشر أو الأَول فى أداء الواجب على أن ما قدمت لغد يفسر بما قدمت من الأَعمال الصالحات والثانى فى المحارم على أنها المراد فى قوله تعالى: { إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } من المعاصى على أنه تهديد فيعاقبوا والتأَسيس أولى من التأكيد، وأيضا لا يخفى أن المناسب تفسير ما قدمت لغد بالخير وتفسير ما تعملون بعموم الخير والشر أو بالشر.
قال ابن عباس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"اسم الله الأَعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر" . وفى هذه الرواية تسمية السورة بسورة الحشر. ومر عن البخارى الكراهة وكذا روى تسميتها بذلك فى روايات كثيرة بهذا الاسم منها ما مر، ومنها ما يأْتى إِن شاء الله.