التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ وَلِيَقُولُواْ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
١٠٥
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ } نبين أَو نكرر، وهذاك إِذا قلت كلاماً فقلت هكذا قلت، أَو المعنى كما بينا فى ماضى السورة أَو فيما مضى من القرآن نصرف فيما بقى الآيات { ولِيَقُولُوا دَرَسْتَ } متعلق بمحذوف متأَخرا، أَى وليقولوا درست صرفنا الآيات، أَو ليقولوا درست نصرفها، بمضارع التجدد والاستقبال، أَو ليعتبروا وليقولوا، أَو لينكروا وليقولوا، أَو لتلزمهم الحجة وليقولوا، واللام فى لينكروا أَو فى ليقولوا للعاقبة لأَن التصريف لا يكون لذلك فيما يظهر ويتبادر لكن لا مانع من التعليل، والصحيح جواز التعليل فى كلام الله عز وجل وليس المراد به الانتفاع أَو الاحتجاج أَو نحو ذلك تعالى الله عن ذلك بل الحكمة والمراد أَنه يصرفها ليعاقبهم بقولهم، كقوله تعالى " { إنما نملى لهم ليزدادوا إِثماً } "[آل عمران: 178] وقوله تعالى " { يضل به كثيراً ويهدى به كثيراً } "[البقرة: 26] والواو للمشركين، وعبارة بعض نصرف هذه الدلائل حالا بعد حال ليقول بعضهم درست فيزدادوا كفراً، ولنبينه لقوم فيزدادوا إِيماناً كما قال { وَلِنَبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } أَى قضى الله أَن يعلموا وليدوموا على علم وليزدادوه، وخصهم بالذكر لأَنهم المنتفعون، وهذه للعلة كلام فى ليعتبروا أَو لتلزمهم الحجة المقدرين، لأَن التبيين مقصود للتصريف بخلاف لام ليقولوا فإِنها بحسب الظاهر ليست للتعليل بل للعاقبة لأَنه ليس المقصود من تصريف الآيات أَن يقولوا هذه القولة الشنعاءَ، ولام العاقبة هى التى تدخل على شئ ليس مقصودا من أَصل الفعل ولا حاملا عليه، ويترتب على فعله تعالى مصالح وإِن لم تكن علة غائية لها بحيث لولاها لم يقدم الفاعل إِليها، فحقيقة التعليل بيان ما يدل على المصلحة المترتبة على الفعل وفسرها المتكلمون بالباعث الذى لولاه لم يقدم الفاعل إِلى الفعل، وهى عند أَهل اللغة حقيقة فى ذلك مطلقاً، ويضعف أَن تكون اللام فى ليقولوا لام الأمر للتهديد، أَى ليقولوا ما يقولون فإِنه لا عبرة بهم، ولو تقوى بقراءَة شاذة بسكون اللام لإِمكان أَن يكون السكون تخفيفاً لوزن فعل بكسر العين وهو الواو واللام والياء، ولعطف التعليل عليه، ولاهاء للقرآن للعلم به من المقام، أَو للآيات بتأْويل ما ذكر، أَو لتأويلها بالقرآن أَو بالدليل، أَو للتبيين، وعليه تكون مفعولا مطلقاً.