التفاسير

< >
عرض

وَلِتَصْغَىۤ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ
١١٣
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ } ولتميل إِلى الزخرف أَو إِلى إِيحائه أَو إِلى الغرور أَو إِلى تعاد الأَنبياءِ عطف على غرورا إِذا جعلنا غرورا مفعولا من أَجله اتحد فاعل الغرور وفاعل عامله فنصب، اختلف فاعل الصغو وفاعل عامله فجر باللام، ففاعل الإِيحاء بعض وفاعل الصغو أَفئدة كما قال { أَفئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ } وإِن جعلنا غرورا مفعولا مطلقاً أَو حالا علقنا اللام بمحذوف أَى فعلنا ذلك الزخرف أَو الإِيحاء أَو كليهما لتصغى، أَو يقدر مؤخرا أَى لتصغى إِليه جعلنا لكل نبى عدوا، ويجوز ذلك أَيضا إِذا جعلنا غرورا مفعولا من أَجله، وفى الآية إِرادة الله الكفر للكافرين، لأَن الحاصل أَنه جعل العدو للصغو إِلى ذلك، والصغو إِليه كفر، والمعتزلة جعلوا اللام للعاقبة خروجا عن أَن يريد الكفر فوقعوا فى أَنه كان فى ملكه عاقبة لم يردها وهذا عين الكفر، وأَجابوا أَيضا أَن اللام لام القسم، ويرده أَن لام القسم مفتوحة وزعموا أَنها كسرت لئلا تلتبس بلام الابتداءِ ويرده أَنه لا لبس هنا، وأَن المضارع فى جواب القسم يؤكد بالنون إِن لم يفصل بينه وبين الام، وعدم توكيده إِما ضرورة وإِما قليل فلا يحمل عليه، وأَجابوا أَيضا بأَنها لام الأَمر للتهديد، وكذا فى اللامين بعده، ويرده ثبوت الأَلف فى تصغى، نعم يقويه قراءَة حذفها وقراءَة الحسن بتسكين اللامات الثلاث ودعوى أَن الجازم حذف الضمة المقدرة فقط، أَو أَن الأَلف إِشباع تكلف، وكذا الحمل على قراءَة نرتعى ونلعب، وقراءَة يتقى ويصبر { وَلِيَرْضَوْهُ } الهاء لما عادت إِليه هاء إِليه، أَى وليرتضوا ذلك لأَنفسهم { وَلِيَقْتَرِفُوا } يكتسبوا، وفسره الزجاج بيكذبوا وهو تفسير معنى لا تفسير لغة، وفسره بعض بيعيبوا أَو يتهموا، وهو تفسير معنى لا لغة وكلاهما بعيد { مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ } من الذنوب، ووجه ذلك الترتيب أَنه يكون الخداع أَولا فالميل فالرضى بالفعل المعبر عنه بالاقتراف. قال أَبو حيان: وهذا فى غاية الفصاحة، ولعله أَراد البلاغة، ولما طلب منه صلى الله عليه وسلم كفار قريش أَن يجعل بينهم وبينه حكما من علماء اليهود أَو النصارى ليخبرهم بما فى كتابهم من أَمره صلى الله عليه وسلم نزل قوله تعالى: { أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِى حَكَماً }.