التفاسير

< >
عرض

أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ
١٥٦
-الأنعام

تيسير التفسير

{ أَنْ تَقُولُوا } يوم القيامة لئلا لتقولوا بلام العاقبة أَو التعليل فحذر أَن تقولوا أَو كراهة أَن تقولوا، وعامله أَنزلناه، ولو فصل بأَجنبى وبجمل معترضة أَو بأَنزلنا محذوفاً، أَو مفعول لاتقوا أَى احذروا أَن تقولوا { إِنَّمَا أُنْزِلَ الكِتَابُ } حقيقة الكتاب الشاملة للتوراة والزبور والإِنجيل، ولم يعهد تسمية الصحف كتاباً بل صحفاً ولم يذكر كثيراً الزبور لأَنه لا أَحكام فيه بل مواعظ، { عَلَى طَائِفَتَيْنِ } اليهود والنصارى، وأَما الصابئون فداخلون فيهما لأَنهم امتازوا بالمواظبة على مستحبات مخصوصات من تلك الكتب من غير أَن يتركو فرائضها وأَن يفعلوا محرماتها، ولذلك اعتبروا، ولذلك ذكر الله عز وجل أَن من آمن من الفرق الثلاثة وعمل صالحاً دخل الجنة وبعد بعثته صلى الله عليه وسلم لا يقبل عمل من بلغه خبره ولا يسعه إِلا اتباعه، وأَما المجوس فلا عبرة بهم إِذ لا كتاب لهم، أَو كان فأَسرعوا فى إِبطاله ولم يستمر عليه ولو واحد فلم يعدوا طوائف ثلاثاً بل عدوا طائفتين، ولم يذكر غيرهما لشهرتهما بالتوراة والإِنجيل والزبور { مِنْ قَبْلِنَا } إِذ سبقونا بالزمان مع أَنبيائهم { وَإِنْ كُنَّا } الواو للحال من طائفتين أَو عاطفة وإِن مخففة بدليل اللام فى قوله عز وجل { عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ } وقدم عن دراستهم للاهتمام وللفاصلة، أَى الغافلين عن قراءَتهم أَى لا نعرفها، لأَنها بغير لغتنا ولا نعرف مثلها كما لا نعرف خطهم لأَنها بالعبرانية وبعضها بالسريانية ونحن عرب لغة وخطا، وأَصل الغفلة عدم التنبه لشئ بحيث لو شِئَ لتنبه له، واستعمل فى عدم المعرفة مطلقاً استعارة لجامع عد الإِدراك أَو مجازاً مرسلا للإِطلاق والتقييد، ولم يقل عن دراستهما لأَن كل طائفة فيها متعددون وقيل دراستهم ما فى قوله تعالى " { قل تعالوا أَتل } "[الأنعام: 151] .. إِلخ لأَن ذلك معان لا تختلف باختلاف الأَعصار، كلف بها كل أَمة. قطع الله عذرهم بأَنهم إِذا لم يعرفوا لغة هؤلاء لإِنزال القرآن بلغة العرب فليكتبوه بلغتهم وقلمهم ولو لم ينزله عليهم، أَو أَنزله بغير لغتهم لقالوا لو أَنزل علينا وكان بلغتنا لأَسرعنا إِلى الإِيمان به كما قال الله عز وجل.