التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
١٦٢
-الأنعام

تيسير التفسير

{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِى } أَعاد القول لأَن ما مر فى الأُصول وهى التوحيد وتوابعه وهذا فى الفروع وهى هنا ما عدا التوحيد وتوابعه، وهى المراد فى قولهم المشرك مخاطب بفروع الشريعة فيعذب عليها، ولو كان لا يصح بدون التوحيد وإِنما غفرت لهم إِن وحدوا مع أَنهم خوطبوا جلياً لهم إِلى الإِسلام بجعل التوحيد كفارة لها وكل ما عدا التوحيد ولواحقه هو من الفروع كالصلاة والحج والصوم، وأَما الفروع والأُصول فى علم الكلام، فما لا يجوز فيه الخلاف كنفى رؤية البارى، وككون صفاته هو، وكون الاستواء الملك والقول فيه مع واحد فهو الأُصول، وما يجوز فيه الاختلاف فالفروع كرفع اليدين عند التكبير وبول ما يؤكل لحمه وبعض تفاصيل نقض الصلاة والطهارات فنفس الصلوات والجمعة والحج والصوم من الأُصول، والاختلاف فى بعض مسائلها من الفروع { وَنُسُكِى } عبادتى حجا أَو عمرة أَو تضحية أَو صوما وتلاوة ذكر أَو زكاة وصدقة وغير ذلك. كأَنه قال: وكل ما صفيته وأَخلصته من العبادة كسبائك الفضة البيضاء المصفاة المسماة نسكا، وخص الصلاة مع دخولها فى النسك لأَنها أَعظم العبادات بعد التوحيد { وَمَحْيَاىَ } أَى حياتى، وسكن الياء باعتبار الفتح قبل الأَلف والتقى ساكنان إِجراء للوصل مجرى الوقف وعبارة بعض سكنها بنية الوقف { وَمَمَاتِى } أَى موتى { لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ } كل ذلك ثابت لله لا لغيره حقا وملكاً، أَى خلق صلاتى وعباداتى وحياتى وموتى، وكل ذلك ثابت لرب العالمين، الصلاة والنسك إِخلاصاً له والحياة والموت خلقا منه، وكل ما سواه يكون منه، وفى الآية أَن طاعة العبد خلقها الله وحياته وموته، والمبالغة بأَن الحياة والموت أَنفسهما خلقهما الله، وأَن الحياة والموت أَنفسهما لمرضاة الله عز وجل، واستلزم ذلك أَن الطاعة الواقعة فيهما هى لله بطريق برهانى. أَو المراد أَحوال الحياة والممات طاعة أَو مباحا لله خلقا وملكا، أَو طاعات الحياة والموت كلها لله كالوصية عند الموت والتدبير والواقع قبله أَو عنده، والإِيصاء بما هو خير قبله أَيضا، كَأنه قيل وما أَنا عليه فى حياتى وموتى، فيقدر وأَحوال حياتى وموتى أَو طاعة حياتى وموتى، وطاعة الموت ما يعمل من الطاعة عند الموت أَو يوصى بها لتنفذ عند الموت أَو بعده وهما مصدران ميميان أَو اسما زمان أَطلق زمان الحياة والممات أَو نفس الحياة والممات على ما يقع فيهما.