التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَٰتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٢١
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَمَنْ أَظْلَمُ } لا أَظلم، وهو توبيخ ونفى، { مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً } قطع كذبا على الله، أَو افترى على الله افتراء، وعلى الوجهين الافتراء إِثبات الشريك لله، ودعوى بنوة الملائكة لله سبحانه فهذا فى مشركى العرب { أَوْ كَذَّبَ بآيَاتِهِ } أَى القرآن والمعجزات ووصف النبى صلى الله عليه وسلم بخلاف وصفه فى التوراة والإِنجيل. وبإِنكار أَن الله أَنزل فى القرآن أَنه مذكور بالرسالة فى التوراة والإِنجيل، وهذا فى أَهل الكتاب المنكرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والآية فى المشركين وأَهل الكتاب، أَى لا أَظلم ممن افترى، أَو من كذب، فكيف من جمع بين الافتراءِ بما هو باطل لا يثبته من أَعمل عقله والتكذيب بما هو ثابت بالحجة، أَو الافتراء والتكذيب وكلاهما فى المشركين لأَنهم أَثبتوا الشريك وكذبوا بالقرآن، أَى لا أَظلم منهم لو اقتصروا على أَحد الأَمرين، فكيف وقد جمعوا بينهما، فذلك مفاد ولو لم نجعل أَو بمعنى الواو إِبقاء على أَصلها وحكمة إِبقائها على أَصلها إِفادة أَن كلا من الأَمرين وحده غاية الإِفراط فى الظلم، وبأَنهم جمعوا بين أَمرين متناقضين، أَثبتوا المنفى ونفوا الثابت، ومن شأْن النقيضين أَلاَّ يجتمعا، وأَيضا من نفى ما ثبت بالبرهان أَولى بنفى ما لم يثبت، ومن أَثبت ما نفى بالبرهان أَولى بإِثبات ما لم ينف، فالجمع بينهما جمع بين المتناقضين، والرماد نفى أَن يكون أَحد أَظلم ممن فعل ذلك أَو مساوياً له، وذلك فى الاستعمال، وأَما بالوضع فلا يدل على نفى المساواة، وذلك أَن النسبة بين الشيئين تتصور غالبا بالزيادة والنقص فإِذا لم يكن أَحدهما أَزيد تحقق النقص، وقيل دلالة التركيب على نفى المساواة وضعية، وإذا قلت: لا أَفضل فى البلد من زيد فغير الأَفضل مساو أَو ناقص، فاستعمل في أَحد فرديه وذلك من قصر الشئ على بعض أَفراده، واعترض بأَن هذا مشعر بالاستعمال { إِنَّهُ } أَى الواقع الذى لا بد منه وهو الشأْن { لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } لا يظفرون بمطلوب ولا يتخلصون من مكروه، وذلك فى مطلق الظالم فكيف من لا أَظلم منه.