التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢٧
-الأنعام

تيسير التفسير

لرأَيت أمراً هو غاية السوء يضيق عن قلبك وصفه فحذف الجواب ليذهب السامع كل مذهب ممكن فيه، ولو أَظهر مخصوصاً لاقتصر عليه أَو مجملا لم يفصله كل تفصيل، ولو امتناعه، والرؤية الآن غير واقعة، فترى بمعنى رأَيت، وإِذا وما بعدها للمضى لتحقق الوقوع بعده، أَو لو بمعنى إِن وجوابها بلا لام، وإِذ وقفوا بمعنى إِذا وقفوا للاستقبال كترى، والخطاب له صلى الله عليه وسلم، أَو لكل من يصلح، وترى بصرية، أَى تراهم أَو تشاهد حالهم، أَو بمعنى تدبرت فيكون الجواب لازددت يقينا، ووقفهم على النار إِحضارهم ليعاينوها، وإِعلاؤهم عليها من خارج وهى من داخل أَسفل منهم، أَو إِدخالهم إِياها، أَو بيانها لهم حتى يعرفوها حقاً، كقولك وقفت فلاناً على كلام فلان، بمعنى عرفته إِياه، حتى لا محيد له عنه، أَو وقفهم عليها تصييرهم واقفين فيها على أَقدامهم، أَو على بمعنى فى وهى محيطة بهم، قيل وحكمة على مع أَنها بمعنى فى التلويح بأَنهم فى النار تحتها نار وهم عليها، فإِن كون نار فوق نار أَشد من كون نار على غير نار، كما أَن ناراً جوفها نار شديدة ولا سيما نار بين نارين، وهذا الوجه الأَخير ضعيف، ويا للتنبيه، أَو يا قوم، أَو يا رسول الله، والمراد الرد إِلى الدنيا لنؤمن ولا نكذب ولو لم نرد، أَو معطوف على نرد فيتسلط عليه التمنى كما تسلط على نرد، أَو الواو للحال قدر المبتدأ بعدها أَو لم يقدر فيكون للتمنى مقيداً بعدم التكذيب، ففى هذا الوجه والذى قبله ثلاثة أَشياء، الرد للدنيا، وعدم التكذيب، والكون من المؤمنين، فإِن قيد التمنى داخل فى التمنى، وترجح العطف على يا ليتنا نرد، لقوله تعالى " { وإنهم لكاذبون } " [الأنعام: 28] فإِن التمنى إِنشاء لا يقبل التكذيب إِلا باعتبار أَنهم لا يؤمنون، ولو حصل الرد، والمراد بآيات ربنا آياته الدالة على النار وأَحوالها وأَهلها، لأَنها الحاضرة، تحسروا على تفريطهم حتى كانوا من أَهلها، وقد حضرت لهم، أَو مطلق الآيات الشاملة لهذه بالأولى، وليس تمنيهم عن عزيمة صادقة فى الإِيمان فإِنه لا رغبة لهم فيه، بل خافوا العقاب الحاضر كما أَشار إِلى ذلك بقوله عز وجل.