التفاسير

< >
عرض

فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ
٤٣
-الأنعام

تيسير التفسير

{ فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا } كل من اولا التوبيخية هذه وإِذ عائد إِلى قوله { تَضَرَّعُوا } وبخهم على ترك التذلل، وإِظهار الضعف والخشوع لله حين مجئ البأْساء والضراء، وحذف الضراء لذكره قبل، وهو لمعنى يعم الضراء، وهذا كتمن بحسب حال البشر كافة قبل ليتهم تضرعوا، كما أَن قوله " { لعلهم يتضرعون } "[الأنعام: 42] ترج بحسب عقول البشر، وذلك لقيام مقتضى التضرع وهو البأْس والضراء { وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ } استدراك بين الضدين، أَى ما لانت قلوبهم، بل غلظت، أَى بقيت على الغلظة، أَو زادت غلظة كقولك: ما قام عمرو بل قعد، وقوله لكن إِلخ..إِخبار، وصح عطفه على لولا إِلخ.. مع أَنه إِنشاء، لتضمنه معنى الإِخبار، وهو انتفاء تضرعهم، ولا يجوز أَن تكون لولا للتحضيض لعدم الاستقبال، إِذ قال: تضرعوا، وقال: قست بصيغة الماضى، وكذا فى قوله { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } من الشرك وما دونه من المعاص، أَو زين لهم عملهم، وهذا فى حيز الاستدراك، أَى تركوا التضرع لقسوة قلوبهم وإِعجابهم بأَعمالهم وإِصرارهم عليها، ولم يخطر ببالهم أَن ما جاءَهم من البأْساء والضراءِ إِنما هو لأَجلها، والتزيين إِما إِيجاد الشئ حسناً كقوله: { { زينا السماءَ الدنيا } [الصافات: 6، الملك: 5]، وكصنع الصائغ أَو النجار أَو البانى شيئاً، وإِما تحسينه من غير إِيجاد كتزيين الماشطة العروس، وإِما كالآية، وكتزيينه تعالى للكافر كفره، كما قال: { { زينا لكل أمة عملهم } [الأنعام: 108]، وكتزيين غير الله شيئاً لغير الله، كقوله تعالى: { { زين لكثير من المشركين قتل أَولادهم شركاؤهم } [الأنعام: 137].