التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
-الأنعام

تيسير التفسير

{ فَلَمَّا نَسُوا } تركوا { مَا ذُكِّرُوا } وعظوا { بِهِ } من البأْساءِ والضراء، ولم يتضرعوا، وقيل: المراد بالنسيان هنا لازم ترك ما وعظوا به، وهو الانهماك فى المعاصى { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ } أَى لهم استدراجاً وذلك بصورة النفع ولكن عاقبته الشر وهو حكمة لفظة على، ومن حكمتها التكثير كالشئ المتدلى عليهم المجلل لهم من فوقهم وجوانبهم كما قال { أَبْوَابَ كُلَّ شَئٍ } فإِن المعنى أَنواع النعم كالرزق والصحة والجاه، أَخذوا حال النِعم الكثيرة والفرح ليكون أَشد عليهم لتحسرهم على ما فاتهم، وبيان أَن الأَمر على غير ما اطمأَنوا إِليه، { حَتَّى } غاية لفتحنا، أَو فعلوا ما فعلوا حتى { إِذا فَرِحُوا } فرح بطر واطمأَنوا { بِمَا أتوتوا } من النعم معجبين به، ومشتغلين به عن القيام بحق المُنْعم، { أَخَذْنَاهُمْ } بالعذاب { بَغْتَةً } فجأَة { فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ } آيسون من كل خير فى انكسار وحزن، فإِن الإِبلاس انقطاع الرجاء مع حزن وانكسار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مكر بالقوم ورب الكعبة" ، فسر به بعضهم قوله: فتحنا عليهم أَبواب كل شئ، ولم ير بعضهم أَن ذلك مرفوع بل موقوف على صحابى أَو تابعى، قال عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذا رأيت الله يعطى العبد ما يحب وهو مقيم على معصيته، فإِن ذلك منه استدراج" ، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به: الآيتين، رواه أَحمد والطبرانى والبيهقى فى شعب الإِيمان، قال الحسن البصرى: مكر بالقوم ورب الكعبة، اعطوا حاجتهم ثم أخذوا، وقال أَيضاً: من وسع عليه فلم ير أَنه يمكر به، أَى فلم يظن، فلا رأى له، ومن قتر عليه فلم ير أَنه ينظر له، أَى فى الصلاح، فلا رأى له، ثم قرأَ الآية والحديث: مكر بالقوم إِلخ. وعن عمر رضى الله عنه: من وسع عليه فى دنياه ولم يعلم أَنه مكر به فهو مخدع عن عقله، أَى وهو مقيم على المعاصى، أَو أريد بمن هذا المقيم.