التفاسير

< >
عرض

وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٤٨
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَمَا نُرْسِلُ المرْسَلِينَ } إِلى الأُمم { إِلا مُبَشِّرينَ } المؤمنين بالجنة والعواقب المحمودة { وَمُنْذِرِينَ } الكافرين بالنار وعواقب السوء فمعنى علة الإِرسال التبشير والإِنذار لا اقتراح الآيات، فإن اقتراحها ليس مما يتعلق بالرسالة أَصلا، والحصر إِضافى لأَن الرسل أَيضاً يصلون ويصومون ويعبدون عبادات كثيرة غير التبشير والإِنذار، ويفعلون مباحات، أَى أَرسلناهم للتبشير والإِنذار لا لاقتراح والقدرة على إِظهار الآيات، فإِن مئونته يكفيها ظهور المعجزات كالشمس، والحال فى الآية تتضمن معنى التعليل كما رأَيت، وهذا متصل بقوله تعالى: وقالوا: { { لولا أَنزل عليه آية من ربه } [يونس: 20، الرعد: 7، 27]، الذى هو اقتراح، وما بينهما من تتمة وفرع على الإِرسال بقوله { فَمَنْ آمَنَ } من الأُمم، وقيل: المراد هنا ومابعد أمته صلى الله عليه وسلم والقرآن، { وَأَصْلَحَ } إِلى قوله يفسقون، كأَنه قيل فكان الناس بعد الإِرسال مؤمنا مصلحاً، لا خوف عليه ولا حزن، وكافراً مكذباً يمسه العذاب، ومقتضى الظاهر أَن يقول: ولم يؤمن ولم يصلح، أَو من كذب وأَفسد تلويحاً بأَن تكذيب الرسل تكذيب بالآيات، وإِن تكذيبها لفساد كما قال فى مقابله وأَصلح، وكما قال: { { فإِنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون } [الأنعام: 33]، والمراد فمن آمن بالله والرسل وأَصلح عمله ببنائه على أَساس الشرع { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ } من عذاب يحققونه فى الآخرة، بل يخافون الله إِجلالا، ويخافون خوفاً مقابلا للرجاء إِذ لا يدرون بم يختم لهم { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } فى الآخرة بفوت الثواب إِذ يفوتهم، ويحزنون فى الدنيا لذنوبهم.