التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَٰباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
٧
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَلَوْ نَزَّلْنَا } نزلنا بمرة وهو المتبادر لأَنه أَقنع لهم، أَو أَنزلنا شيئا فشيئا لمزيد المشاهدة وتكررها { عَلَيْكَ كِتَابا } أَى كلاما مكتوبا، أَو خطا مكتوبا هو القرآن أَو أَنك رسول، وليس المراد ما يكتب فيه الكلام لأَنه يبقى قوله { فِى قِرْطَاس } بلا فائدة، فالقرطاس ما يكتب فيه من جلد وكاغد - بفتح الغين وبدال مهملة، وقد يعجم - ومن غير ذلك، وذكر بعض أَنه لا يقال قرطاس إِلا إِذا كان مكتوبا، ولا يصح حمل الآية عليه لأَنه يبقى قوله كتابا، أَى كلاما مكتوبا، بلا فائدة، عكس ما مر { فَلَمَسُوهُ } أَى القرطاس مع الخطوط فيه، أَو لمسوا الكتاب أَى الخط، وخص اللمس لأَنه أَنفى بعد المعاينة للريبة من النظر والسمع، وأَما الإِدراك الذى يكون بالفم والشم فلا يليق بالمقام، والسحر يجرى على المرئى، أَى أَكثر مما يجرى على الملموس، ولو اقتصر على النظر لقالوا: { { إِنما سكرت أَبصارنا بل نحن قوم مسحورون } [الحجر: 15]، وذكر الأَيدى فى قوله { بِأَيْدِيهِمْ } لأَن اللمس أَقوى من المس بسائر البدن، وأَنه قد يطلق اللمس على التفحص عن شئ كقوله تعالى " { وأَنا لمسنا السماءَ } " [الجن: 8] وقد قيل: اللمس يختص باليد، وقيل هو أَعم كالمس، فذكره تحرز أَو تأْكيد { لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا } مقتضى الظاهر لقالوا، وضع الظاهر موضع الضمير ليصرح بكفرهم، ويشير إِلى أَن كفرهم لا يؤثر معه برهان يحس، ولو باليد، وإِن شأنهم الإِعراض عناداً وتعنتا. قال النضر بن الحارث وعبد الله ابن أَبى أُمية ونوفل ابن خويلد لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله تعالى، ومعه أَربعة من الملائكة يشهدون أَنه من عند الله وأَنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الله سبحانه: لو فعلنا ذلك وزدنا مسهم إِياه بأَيديهم، وقيل: طلبوا المس أَيضا لقالوا { إِنْ هَذَا } ما هذا الكتاب أَو القرطاس الشاهد عليه أَربعة أَملاك، أَو المذكور منه ومن الأَربعة { إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ } صرف أَعيننا وأَسماعنا ولمسنا عن حالها المحققة.