التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَـٰؤُلاۤءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ
٨٩
-الأنعام

تيسير التفسير

{ أُولَئِكَ } الأَنبياءَ المذكورون { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ } بلا واسطة نبى قبله، أَو بواسطة إِنزاله على نبى قبله، فإِن هؤلاءِ لم ينزل على كل واحد منهم كتاب، بل على بعضهم وهو القليل منهم كموسى وعيسى وإِبراهيم وداود، والصحف داخلة فى الكتاب، والمراد به الجنس الصادق بالمتعدد { وَالْحُكْمَ } الحكمة، وهى ما يكمل به نفوسهم من المعارف والأَحكام، وذلك شامل للعلم الظاهر والحكم بين الناس بالحق والإِفتاءِ به { وَالنُّبُوَّةَ } الكاملة المترتب عليها الرسالة أَو المراد النبوة والرسالة وحذف العطف { فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا } أَى بالنبوءَة الشاملة للكتاب والحكم لأَنها أَقرب مذكور، أَو بالثلاثة: الكتاب أَو إِيتاؤه والحكم والنبوءَة، ولو كان هذا لكان الأَولى بهن لأَنهن ثلاث غير عواقل جمع قلة بالعطف { هَؤلاَءِ } كفار قريش أَو أَهل مكة، أَو كل من كفر لكن المقام أَنسب بمن كفر من قريش أَو أَهل مكة كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقتادة أَنهم أَهل مكة، { فَقَدْ وَكَّلُنَا بِهَا } بمراعاتها وأَداء حقوقها، وهذا تعليل نائب عن الجواب، أَى فلا ضير، أَو فلا نقص، أَو فلا اعتداد بهم لأَنا قد وكلنا، أَى وفقنا وأَرصدنا { قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ } أَى ليسوا كافرين بها فى وقت، ليس معنى الجملة الاسمية مثل قولك هم كافرون الدالة على الثبوت فى كل زمان بل معناها عدم التعرض للحدوث فلا تهم، ولا تتوهم أَن الظاهر نفى الدوام فى الأَزمنة، وقدم بها للفاصلة وطريق الاهتمام، وكذا كلما قلت للاهتمام فالمراد طريق العرب فيه لأن الله لا يوصف به، والقوم هم الأَنبياءُ المذكورون وغير المذكورين ومن تبعهم من آباء وذرية وإِخوان وغيرهم، وقيل: الأَنصار، وعليه ابن عباس ومجاهد، وقيل: المراد المهاجرون والأَنصار، وقيل: الصحابة، وقال أَبو زيد: كل من آمن به، وقيل: الفرس، وضعف القول بأَن المراد الملائكة لأنهم لم يتعارفوا باسم القوم، ولأَن المتبادر العمل بها والملائكة لم يكلفوا بكل ما كلفنا به من الأَعمال، والقوم الرجال، والملائكة ليسوا رجالا ولو كان اللفظ قد يطلق عليهم.